اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 444
العفو و كما تحبّ أَن يعفو المليك عنك، فاعف عنا تجده عفوّا، و بك
رحيما، و لك غفورا، و لا يظلم ربّك أَحدا، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحقّ، لا
يغادر صغيرة و لا كبيرة ممّا أَتيناها إِلّا أَحصاها.
فاذكر يا عليّ بن الحسين
ذلّ مقامك بين يدي ربّك الحكم العدل الّذي لا يظلم مثقال حبّة من خردل، و يأتي بها
يوم القيامة، وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً
و شهيدا، فاعف و اصفح يعفو عنك المليك و يصفح، فإنه يقول
«وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ»[1].
قال: و هو ينادي بذلك
على نفسه و يلقّنهم، و هم ينادون معه، و هو واقف بينهم يبكي و ينوح، و يقول:
ربّ إِنّك أَمرتنا أَن
نعفو عمّن ظلمنا فقد ظلمنا أَنفسنا، فنحن قد عفونا عمّن ظلمنا، كما أَمرت، فاعف
عنّا فإنّك أَولى بذلك منّا و من المأمورين، و أَمرتنا أَن لا نردّ سائلا عن
أَبوابنا، و قد أَتيناك سؤالا[2] و مساكين، و قد أَنحنا
بفنائك و ببابك، نطلب نائلك و معروفك و عطاءك، فامنن بذلك علينا، و لا تخيّبنا
فإنّك أَولى بذلك منّا و من المأمورين، إِلهي كرمت فأكرمني، إِذ كنت من سؤالك،
وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك يا كريم.
ثمّ يقبل عليهم و يقول:
قد عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي و ممّا كان منّي إِليكم من سوء ملكة، فانّي ملك سوء،
لئيم ظالم، مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضّل، فيقولون: قد عفونا عنك يا
سيّدنا و ما أَسأت.
فيقول لهم: قولوا:
اللَّهمّ اعف عن عليّ بن الحسين كما عفى عنّا، و أعتقه من النار كما أَعتق رقابنا
من الرقّ، فيقولون ذلك، فيقول: اللَّهمّ آمين يا ربّ العالمين، اذهبوا فقد عفوت
عنكم، و أَعتقت رقابكم رجاء للعفو عنّي و عتق رقبتي فيعتقهم.
فإذا كان يوم الفطر
أَجازهم بجوائز تصونهم و تغنيهم عمّا في أَيدي الناس، و ما من سنة إِلّا و كان
يعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إِلى أَقلّ أو أَكثر.