وَ هُوَ تَبارَكَ اسْمُهُ فِي كُلِّ ذلِكَ يَصْرِفُنِي بِقُوَّةِ الرَّجاءِ وَ التَّأْمِيلِ، عَنِ الشَّكِّ فِي رَحْمَتِهِ، لِتَضَرُّعِي إِلَى التَّحْصِيلِ، ثِقَةً بِجُودِهِ وَ رَأْفَتِهِ، وَ سَعْياً لِاشْفاقِهِ وَ عَطْفِهِ.
اللَّهُمَّ هذا شَهْرُكَ وَ قَدْ كَمُلَ وَ مَضى، وَ هذا الصِّيامُ قَدْ تَمَّ وَ انْقَضى، قَدِمَ وَ كَرِهَ قُدُومُهُ تَمَكُّنُ ما فِي النُّفُوسِ، مِنْ لَذَّاتِها وَ نُفُورُها مِنْ مُفارَقَةِ عاداتِها، فَما وَرَدَ حَتّى ذَلَّلَها بِطاعَتِهِ، وَ أَشْخَصَها إِلى طَلَبِ رَحْمَتِهِ.
فَكانَ نَهارُ صِيامِنا يُذْكَرُ لَدَيْكَ، وَ لَيْلَةُ قِيامِنا يُوقَدُ عَلَيْكَ، وَ ارْهَبَ[1] الْقُلُوبَ، وَ عادَلَ الذُّنُوبَ، وَ أَخْضَعَ الْخُدُودَ، وَ رَفَعَ إِلَيْكَ الرَّاحاتِ، وَ اسْتَدَرَّ الْعَبَراتِ، بِالنَّحِيبِ وَ الزَّفَراتِ، أَسَفاً عَلَى الزَّلَّاتِ، وَ اعْتِرافاً بِالْهَفَواتِ[2]، وَ اسْتِقالَةً لِلْعَثَراتِ.
فَرَحِمْتَ وَ عَطَفْتَ، وَ سَتَرْتَ وَ غَفَرْتَ، وَ أَقَلْتَ وَ أَنْعَمْتَ، فَعادَ حَبِيباً مَأْلُوفاً قُرْبُهُ، وَ قادِماً يَكْرَهُ فَراقُهُ.
فَعَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ شَهْرٍ وَدَّعْتُهُ بِخَيْرٍ أَوْدَعْتُهُ، وَ بُعْدٍ مِنْكَ قَرَّبَهُ، وَ غُنْمٍ مِنْ فَضْلِكَ اسْتَجْلَبَهُ، وَ فَضائحَ تَقَدَّمَتْ عِنْدَكَ هَدَرَها، وَ قَبائحَ مَحاها وَ نَثَرَها، وَ خَيْراتٍ نَشَرَها، وَ مَنافِعَ نَثَرَها، وَ مِنَنٍ مِنْكَ وَفَّرَها، وَ عَطايا كَثَّرَها، وَداعَ مُفارِقٍ خَلَّفَ خَيْراتِهِ، وَ أَسْعَدَ بَرَكاتِهِ، وَ جادَ بِعَطاياهُ.
اللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مِنِّي حَمْدَ مَنْ لا يُخادِعُ نَفْسَهُ تَقَدُّمِ جَزَعِها مِنْهُ، وَ لا يَجْحَدُ نِعْمَتَكَ فِي الَّذِي أَفَدْتَهُ وَ مَحَوْتَهُ عَنْهُ، سائِلٍ لَكَ أَنْ تُعْرِضَ عَمّا اعْتَمَدْتُهُ فِيهِ، وَ لَمْ يَعْتَمِدُهُ مِنْ زَلَلِهِ، إِعْراضَ الْمُتَجافِي الْعَظِيمِ، وَ أَنْ تُقْبِلَ عَلَيَّ بِتَيْسِيرِ ما تَقَرَّبْتُ بِهِ إِقْبالَ الرَّاضِي الْكَرِيمِ، أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ بِنَظْرَةِ الْبَرِّ الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ.
اللَّهُمَّ عَقِّبْ عَلَيَّ بِغُفْرانِكَ فِي عُقْباهُ، وَ آمِنِّي مِنْ عَذابِكَ ما أَخْشاهُ، وَ قِنِي