responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس    الجزء : 1  صفحة : 340

اللّه جلّ جلاله وظائف هذه اللّيلة من غير تثاقل و لا تكاسل و لا إعجاب.

فأنت ذلك المخلوق من التراب، الّذي شرّفك مولاك ربّ الأرباب، و خلّصك من ذلك الأصل الذميم و أتحفك بهذا التّكريم و التعظيم، و أخدمه و اعرف له قدر المنّة عليك.

و لا يخطر بقلبك إلّا أنّ هذه العبادة من أعظم إحسانه إليك، و أنت تعبده، لأنّه أهل و اللّه للعبادة، فإنّك مستعظم لنفسك، كيف بلغ بك إلى هذه السّعادة.

و اعلم أنّك إن عبدته لأجل طلب أجرة على عبادتك، كنت في مخاطرتك، كرجل كان عليه لبعض الغرماء الأقوياء الأغنياء ديون لا يقوم لها[1] حكم العدد و الإحصاء، فاجتاز هذا الذي عليه الدُّيون الكثيرة، مع غريمه صاحب الحقوق الكثيرة، على سوق فيه حلاوة، فاقتضى إنعام الغريم أنّه اشترى لهذا الّذي عليه الدين العظيم، طبقا من تلك الحلاوة العظيمة اللّذّات، و كلّفه حملها إلى دار الغريم ليأكلها الّذي عليه الديون وحده على أبلغ الشهوات.

فلمّا أكلها الّذي عليه الدّيون الكثيرة و فرغ من أكلها، قال للغريم: إِنَّ هذه الحلاوة قد حملتها معك، فأعطني رغيفا أجرة حملها، فقال له الغريم: إنّما حمّلتها على سبيل المنّة عليك، و لتصل هذه الحلاوة إليك، و ما كنت محتاجا أنا إليها، ولي ديون كثيرة عليك ما طلبتك بها.

فكيف اقتضى عقلك أن تطلب رغيفا أجرة حمل حلاوة ما كلّفتك وزن ثمن لها، فهل يسترضي أحد من ذوي العقول السّليمة ما فعله الّذي عليه الدُّيون من طلب تلك الأجرة الذّميمة.

فكذا حال العبد مع اللّه جلّ جلاله، فانّ القوّة الّتي عمل بها الطاعات من مولاه، و العقل و النّقل الّذي عمل به العبادات من ربّه مالك دنياه و أخراه، و العمل الّذي كلّفه إيّاه، إنّما يحصل نفعه للعبد على اليقين، و اللَّه جلّ جلاله مستغن عن عبادة العالمين، و للَّه جلّ جلاله على عباده من النّعم بإنشائه و إبقائه و إرفاده و إسعاده‌


[1] بها (خ ل).الإقبال بالأعمال الحسنة
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس    الجزء : 1  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست