اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 2 صفحة : 595
قرآنه وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي
نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ فأخبر أن سريرة مولانا علي ع كانت بيعا لنفسه الشريفة و طلبا لمرضاة
الله جل جلاله دون كل مراد و قد ذكرنا في الطرائف من روى هذا الحديث من المخالف و
مباهات الله جل جلاله تلك الليلة بجبرئيل و ميكائيل في بيع مولانا علي ع بمهجته و
أنه سمح بما لم يسمح به خواص ملائكته و منها أن الله جل جلاله زاد مولانا عليا ع
من القوة الإلهية و القدرة الربانية إلى أنه ما قنع له أن يفدي النبي ص بنفسه
الشريفة حتى أمره أن يكون مقيما بعده في مكة مهاجرا للأعداء و أنه قد هربه منهم و
ستره بالمبيت على الفراش و غطاه عنهم و هذا ما يحتمله قوة البشر إلا بآيات باهرة
من واهب النفع و دافع الضرر و منها أن الله جل جلاله لم يقنع لمولانا علي ع بهذه
الغاية الجليلة حتى زاده من المناقب الجميلة و جعله أهلا أن يقيم ثلاثة أيام بمكة
لحفظ عيال سيدنا رسول الله ص و أن يسير بهم ظاهرا على رغم الأعداء و هو وحيد من رجاله
و من يساعده على ما بلغ من المخاطرة إليه و منها أن هذا الاستسلام من مولانا علي ص
للقتل و فدية النبي ص أظهر مقاما و أعظم تماما من استسلام جده الذبيح إسماعيل
لإبراهيم الخليل ع لأن ذلك استسلام لوالد شفيق يجوز معه أن يرحمه الله جل جلاله و
يقبله [يقيله] من ذبح ولده كما جرى الحال عليه من التوفيق و مولانا علي ع استسلم
للأعداء الذين لا يرحمون و لا يرجون لمسامحة في البلاء و منها أن إسماعيل ع كان
يجوز أن الله جل جلاله يكرم إياه بأنه لا يجد للذبح ألما فإن الله تعالى قادر أن
يجعله سهلا رحمة لأبيه و تكرما و مولانا علي ع استسلم للذين طبعهم القتل في الحال
على الاستقصاء و ترك الإبقاء و التعذيب إذا ظفروا بما قدروا من الابتلاء و منها أن
ذبح إسماعيل بيد أبيه الخليل ع ما كان فيه شماتة و مغالبة و مقاهرة من أهل
العداوات و إنما هو شيء من الطاعات المقتضية للسعادات و العنايات و مولانا علي ع
كان قد خاطر بنفسه لشماتة الأعداء و الفتك به بأبلغ غايات الاشتفاء [الاشتقاء]
اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 2 صفحة : 595