اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 512
وقت تنازعهم فقدم و قد اجتمع القوم على الرحلة إلى رسول الله ص
فشخص معهم فلما رأى المنذر انتشار أمر القوم يومئذ و ترددهم في رأيهم أخذ بيد
السيد و العاقب على أصحابه فقال أخلوني و هذين فاعتزل بهما ثم أقبل عليهما فقال إن
الرائد لا يكذب أهله و أنا لكما جد شفيق فإن نظرتما لأنفسكما نجيتما و إن تركتما
ذلك هلكتما و أهلكتما قالا أنت الناصح حبيبنا [حبيبا] المأمون عيبا فهات قال أ
تعلمان أنه ما باهل قوم نبيا قط إلا كان مهلكهم كلمح البصر و قد علمتما و كل ذي
إرب من ورثة الكتب معكما أن محمدا أبا القاسم هذا هو الرسول الذي بشرت به الأنبياء
ع و أفصحت ببيعتهم و أهل بيتهم الأمناء و أخرى أنذركما بها فلا تعشوا عنها قالا و
ما هي يا أبا المثنى قال انظرا إلى النجم قد استطلع إلى الأرض و إلى خشوع الشجر و
تساقط الطير بآرائكما [بإزائكما] لوجوههما قد نشرت على الأرض أجنحتها و فات ما في
حواصلها و ما عليها لله عز و جل من تبعة ليس ذلك إلا ما قد أظل من العذاب و انظر
إلى اقشعرار [انشرار] الجبال و إلى الدخان المنتشر و فزع السحاب هذا و نحن في
حمارة القيظ و إبان الهجير و انظروا إلى محمد ص رافعا يده و الأربعة من أهله معه
إنما ينتظر ما تجيبان به ثم اعلموا أنه إن نطق فوه بكلمة من بهلة لم نتدارك هلاكا
و لم نرجع إلى أهل و لا مال فنظرا فأبصرا أمرا عظيما فأيقنا أنه الحق من الله
تعالى فزلزلت أقدامهما و كادت أن تطيش عقولهما و استشعرا أن العذاب واقع بهما فلما
أبصر المنذر بن علقمة ما قد لقيا من الخيفة و الرهبة قال لهما إنكما إن أسلمتما له
سلمتما في عاجلة و آجلة و إن آثرتما دينكما و غضارة أيكتكما و شححتما بمنزلتكما من
الشرف في قومكما فلست أحجر عليكما الضنين بما نلتما من ذلك و لكنكما بدهتما محمدا
ص بتطالب [بتطلب] المباهلة و جعلتماها حجازا و آية بينكما و بينه و شخصتما من
نجران و ذلك من تالكما فأسرع محمد ص إلى ما بغيتما منه و الأنبياء إذا ظهرت بأمر
لم ترجع إلا بقضائه و فعله فإذا نكلتما عن ذلك و أذهلتكما مخافة ما تريان فالخط في
النكول لكما فالوحا يا إخوتي ألوحا صالحا محمدا ص و ارضياه و لا ترجيا ذلك فإنكما
و أنا معكما بمنزلة قوم يونس لما غشيهم العذاب قالا فكن يا أبا المثنى أنت الذي
تلقى محمدا ص بكفالة ما يبتغيه لدينا و التمس لنا إليه ابن عمه هذا ليكون هو الذي
يبرم الأمر بيننا و بينه فإنه ذو الوجه و الزعيم عنده و لا تبطئن به ما ترجع إلينا
به و انطلق المنذر إلى رسول الله ص فقال السلام عليك يا رسول الله أشهد أن لا إله
إلا الله الذي ابتعثك و أنك و عيسى عبدان لله عز و جل مرسلان فأسلم و بلغه ما جاء
له فأرسل رسول الله ص عليا ع لمصالحة القوم فقال علي ع بأبي أنت على ما أصالحهم
فقال له رأيك يا أبا الحسن فيما تبرم معهم [معه] رأيي فصار إليهم فصالحاه على ألف
حلة و ألف دينار خرجا في كل عام يؤديان شطر ذلك في المحرم و شطرا في رجب فصار علي
ع بهما إلى رسول الله ص ذليلين صاغرين و أخبره بما صالحهما عليه و أقرا له بالخرج
و الصغار فقال له رسول الله ص قد قبلت ذلك منكم أما إنكم لو باهلتموني بمن تحت
الكساء لأضرم الله عليكم الوادي نارا تأجج ثم لساقها الله عز و جل إلى من ورائكم
في أسرع من طرف العين فحرقهم تأججا فلما رجع النبي ص بأهل بيته و صار إلى مسجده
هبط عليه جبرئيل ع فقال يا محمد إن الله عز و جل يقرئك السلام و يقول إن عبدي موسى
ع باهل
اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 512