أقول و اعلم أن كمال
الاعتكاف هو إيقاف العقول و القلوب و الجوارح على مجرد العمل الصالح و حبسها على
باب الله جل جلاله و تقدس و إرادته و تقييدها بقيود مراقباته و صيانتها عما يصون
الصائم كمال صومه عنه و يزيد على احتياط الصائم في صومه زيادة معنى المراد من
الاعتكاف و التلزم بإقباله على الله و ترك الإعراض عنه فمتى أطلق المعتكف خاطرا
لغير الله في طرق أنوار عقله و قلبه أو استعمل جارحة في غير الطاعة لربه فإنه يكون
قد أفسد من حقيقة كمال الاعتكاف بقدر ما غفل أو هون به من كمال الأوصاف و منها ذكر
المواضع التي يعتكف فيها.
و متى اعتكف صام و ينبغي
للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم أقول و من شرط المعتكف أن لا يخرج
من موضع اعتكافه إلا لضرورة تقتضي جواز انصرافه و إذا خرج لضرورة فيكون أيضا حافظا
لجوارحه و أطرافه حتى يعود إلى مسجد الاختصاص و ما شرط على نفسه من الإخلاص ليظفر
من الله جل جلاله بالشرط المضمون في قوله تعالى
أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ ذكر ما نختار روايته من فضل المهاجرة إلى الحسين ص في العشر الأواخر
من شهر رمضان.