اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 4
كتاب الاقتصاد في الاعتقاد بسم اللّه الرحمن الرحيم
[خطبة]
الحمد للّه الذي اجتبى من صفوة عباده عصابة الحق و اهل
السنة، و خصهم من بين سائر الفرق بمزايا اللطف و المنة، و افاض عليهم من نور هدايته
ما كشف به عن حقائق الدين، و أنطق ألسنتهم بحجته التي قمع بها ضلّال الملحدين، و صفّى
سرائرهم من وساوس الشياطين، و طهّر ضمائرهم عن نزغات الزائغين، و عمر أفئدتهم بأنوار
اليقين حتى اهتدوا بها إلى أسرار ما أنزله على لسان نبيه و صفيه محمد صلى اللّه عليه
و سلم سيد المرسلين، و اطلعوا على طريق التلفيق بين مقتضيات الشرائع و موجبات العقول؛
و تحققوا أن لا معاندة بين الشرع المنقول و الحق المعقول. و عرفوا أن من ظن من الحشوية
وجوب الجمود على التقليد، و اتباع الظواهر ما أتوا به إلا من ضعف العقول و قلة البصائر.
و ان من تغلغل من الفلاسفة و غلاة المعتزلة في تصرف العقل حتى صادموا به قواطع الشرع،
ما أتوا به إلّا من خبث الضمائر. فميل أولئك إلى التفريط و ميل هؤلاء إلى الافراط،
و كلاهما بعيد عن الحزم و الاحتياط. بل الواجب المحتوم في قواعد الاعتقاد ملازمة الاقتصاد
و الاعتماد على الصراط المستقيم؛ فكلا طرفي قصد الأمور ذميم. و انى يستتب الرشاد لمن
يقنع بتقليد الأثر و الخبر، و ينكر مناهج البحث و النظر، أو لا يعلم انه لا مستند للشرع
إلّا قول سيد البشر
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 4