responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 118

أصلا فالعقوبة بمجرد المجازاة على ما سبق قبيح لأنه لا فائدة فيه للمعاقب و لا لأحد سواه، و الجاني متأذ به و دفع الأذى عنه أحسن، و إنما يحسن الأذى لفائدة و لا فائدة، و ما مضى فلا تدارك له فهو في غاية القبح.

و الوجه الثاني، أن نقول: إنه إذا تأذى المجني عليه و اشتد غيظه فذلك الغيظ مؤلم و شفاء الغيظ مريح من الألم، و الألم بالجاني أليق، و مهما عاقب الجاني زال منه ألم الغيظ و اختص بالجاني فهو أولى، فهذا أيضا له وجه ما و إن كان دليلا على نقصان العقل و غلبة الغضب عليه، فأما إيجاب العقاب حيث لا يتعلق بمصلحة في المستقبل لأحد في عالم اللّه تعالى و لا فيه دفع أذى عن المجني عليه ففي غاية القبح، فهذا أقوم من قول من يقول إن ترك العقاب في غاية القبح، و الكل باطل و اتباع الموجب الأوهام التي وقعت بتوهم الأغراض، و اللّه تعالى متقدس عنها و لكنّا اردنا معارضة الفاسد ليتبين به بطلان خيالهم.

الدعوى السادسة:

ندعي أنه لو لم يرد الشرع لما كان يجب على العباد معرفة اللّه تعالى و شكر نعمته، خلافا للمعتزلة، حيث قالوا إن العقل بمجرده موجب، و برهانه أن نقول: العقل يوجب النظر و طلب المعرفة لفائدة مرتبة عليه أو مع الاعتراف بأن وجوده و عدمه في حق الفوائد عاجلا و آجلا بمثابة واحدة، فإن قلتم:

يقتضي بالوجوب مع الاعتراف بأنه لا فائدة فيه قطعا عاجلا و آجلا فهذا حكم الجهل لا حكم العقل، فإن العقل لا يأمر بالعبث، و كلما هو خال عن الفوائد كلها فهو عبث، و إن كان لفائدة فلا يخلو إما أن ترجع إلى المعبود تعالى و تقدس عن الفوائد، و إن رجعت إلى العبد فلا يخلو أن يكون في الحال أو في المآل، أما في الحال فهو تعب لا فائدة فيه و أما في المآل فالمتوقع الثواب.

و من أين علمتم أنه يثاب على فعله بل ربما يعاقب على فعله، فالحكم عليه بالثواب حماقة لا أصل لها ..

اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست