أمّا
حقيقة العلم: فقد اختلف العلماء في العبارات الدّالّة عليها.
فقال
بعض المعتزلة [2]: العلم اعتقاد الشيء على ما هو عليه.
و
هو باطل بالمعتقد عن تقليد وجود الرّبّ تعالى؛ فإنّه معتقد للشىء على ما هو عليه،
و ليس اعتقاده علما. [3] و هذا ممّا لا يندفع و إن زيد في الحدّ: مع سكون النّفس إليه
[3]. ثم إنّه يخرج منه العلم بالمعدوم المستحيل الوجود؛ فإنّه علم، و ما تعلّق به ليس
بشيء بالاتفاق.
و
منهم [4] من زاد في الحدّ: إذا وقع عن ضرورة أو دليل. و هذه الزّيادة، و إن اندفع بها
الإشكال الأول فلا يندفع بها الإشكال الثّاني.
و
من زعم أن العلم لا يتعلّق بالمعدوم المستحيل الوجود؛ فحكمه بذلك علم تصديقى، و العلم
التّصديقى يستدعى علمين تصوريين، و أحد التّصورين المعدوم المستحيل الوجود؛ فيكون مناقضا
لقوله: و العلم التّصديقى. مع كونه مكابرا للبديهة، و ما يجده كلّ عاقل من نفسه من
العلم باستحالة الجمع بين النفى و الإثبات، و هو غير متصوّر مع كون النفى غير معلوم.
[1]
عن حقيقة العلم و آراء العلماء فيه: انظر المغنى للقاضى عبد الجبار ج 12. ص 13-
22. ط أولى نشر المؤسسة المصرية حيث يعرض آراء متقدمى المعتزلة، ثم يرد عليها. كما
يعرض آراء متقدمى الأشاعرة- الواردة هنا- كالأشعرى، و الباقلانى، و ابن فورك. عرضا
واضحا يدل على معرفته التامة بمذهبهم؛ فقد عاش شبابه بينهم قبل تحوله إلى الاعتزال.
ثم يرد عليهم.
و
انظر الإنصاف للباقلانى. طبع الخانجى ص 13. و التمهيد له أيضا طبع دار الفكر العربى
ص 34 و أصول الدين للبغدادى. طبع مطبعة الدولة باستانبول ص 5، 6 و الإرشاد لإمام الحرمين.
نشر الخانجى ص 12، 13 و المحصل للرازى. طبع الحسنية ص 69 و معالم أصول الدين له أيضا
ص 5 على هامش المحصل.
و
انظر شرح المواقف للجرجانى. ط دار الطباعة العامرة ص 29- 36 حيث يختصر صاحب المواقف
ما أورده الآمدي مفصلا هنا. و أيضا شرح المقاصد للتفتازانى. ط دار الطباعة العامرة
باستانبول ص 13- 15. [2]
القائل: هو الكعبى، انظر أصول الدين للبغدادى ص 5. [3]
من أول (و هذا مما لا يندفع ...) ساقط من ب. أما صاحب الزيادة: فهو أبو هاشم. انظر
أصول الدين للبغدادى ص 5. [4]
هو الجبائى، انظر أصول الدين للبغدادى ص 5.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 73