اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 518
الأول: أن موسى عليه الصلاة و السلام سأل
ربه الرؤية بقوله: أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ و لو كانت الرؤية مستحيلة. فإما أن يكون
موسى عالما بالإحالة، أو جاهلا بها.
فإن كان عالما بالإحالة: فالعاقل لا يسأل
المحال، و لا يطلبه، فضلا عن كونه نبيا كريما. و إن كان جاهلا بالإحالة؛ فيلزم أن يكون
آحاد المعتزلة و من حصل طرفا من علومهم، أعلم بالله- تعالى- و بما يجوز عليه، و ما
لا يجوز عليه من النبي الصفى؛ و القول بذلك غاية التجاهل، و الرعونة.
و إذا بطل القول بالإحالة لما يلزم عنه من
المحال؛ تعين القول بالجواز و هو المطلوب.
الوجه الثانى: قوله- تعالى-: فَإِنِ اسْتَقَرَّ
مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي علق الرؤية على استقرار الجبل، و استقرار الجبل ممكن في
نفسه، و ما علق وجوده على الممكن؛ فهو ممكن.
فإن قيل:
أما الوجه الأول: فالكلام عليه من وجوه.
الأول: لا نسلم أن موسى سأل الرؤية، و إنما
سأله أن يعلمه به علما ضروريا. و عبر بالرؤية عن العلم؛ إذ العلم ملازم للرؤية، و التعبير
باسم أحد المتلازمين عن الآخر سائغ لغة بطريق التجوز كما في قولهم جرى النهر و الميزاب.
و المراد به الماء الّذي فيه. و هذا هو تأويل أبي الهذيل العلاف و تابعه عليه الجبائى،
و أكثر البصريين [1].
سلمنا أنه ما سأل العلم بربه؛ و لكن إنما
سأل أن يريه علما من أعلام الساعة بطريق حذف المضاف، و إقامة المضاف إليه مقامه كما
فى قوله- تعالى-: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [2] و المراد به أهل القرية.
و يكون معنى قوله أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ:
أى إلى علم من أعلامك الدالة على/ الساعة. و هذا هو تأويل الكعبى، و البغداديين من
المعتزلة.
[1] انظر الأصول الخمسة ص 262؛ حيث يذكر
هذا الرأى لأبى الهذيل، ثم يضعفه. و انظر أيضا المغنى 4/ 162، 218. [2] سورة يوسف 12/ 82.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 518