و ها نحن نذكرها بزيادة تحرير، و تقرير؛
فنقول: قد بينا في المقدمة أن الأجسام و الألوان مرئية؛ فالأجسام، و الألوان مشتركة
في صحة تعلق الرؤية بها، و صحة تعلق الرؤية بها يستدعى مصححا.
و إنما قلنا ذلك؛ لأنه لو كانت الأجسام معدومة؛
لاستحال أن تكون مرئية، و مدركة بالاتفاق منا، و من المعتزلة، و من كل محصل؛ فحيث استحال
تعلق الرؤية بها حال عدمها، و صح مع وجودها؛ لزم أن يكون ذلك المخصص، و إلا لعم الحكم
نفيا، أو إثباتا؛ و ذلك المخصص هو المعنى بالمصحح.
و لا يخفى أن بين الأجسام و الألوان اتفاقا،
و افتراقا؛ فالمصحح: إما أن يكون ما به الاتفاق،/ أو ما به الافتراق، أو مجموع الأمرين.
لا جائز أن يكون المصحح [للرؤية [2]] ما
به الافتراق، أو ما به الاتفاق و الافتراق معا؛ و إلا كان الحكم الواحد المشترك بين
المختلفات؛ معللا بعلل مختلفة؛ و هو محال.
و ذلك لأن كل واحدة من العلتين: إما أن تستقل
بالتصحيح، أو إحداهما دون الأخرى، أو أنه لا استقلال لكل واحدة منهما.
فإن كان الأول: فلا معنى لكون العلة مستقلة
بالتصحيح إلا أنها هى المصححة دون غيرها، فإذا قيل كل واحدة مستقلة بالتصحيح؛ لزم منه
عدم استقلال كل واحدة منهما.
[1] قارن ما أورده الآمدي هنا بما أورده
في غاية المرام ل 65/ أ و انظر ما أورده الشهرستانى في نهاية الأقدام ص 357، 358 حيث
يذكر هذه الحجة مقدما لها بقوله: قالت الأشعرية: ثم يفصل القول فيها. ثم يخلص في النهاية
إلى عدم الثقة بالأدلة العقلية في هذه المسألة قائلا: (و اعلم أن هذه المسألة سمعية
أما وجوب الرؤية، فلا شك في كونها سمعية. و أما جواز الرؤية فالمسلك العقلى ما ذكرناه،
و قد وردت عليه تلك الإشكالات ... فالأولى بنا أن نجعل الجواز أيضا مسألة سمعية).
نهاية الأقدام ص 369. [2] ساقط من أ.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 492