اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 488
تغميض العين؛ فكذلك حالة فتحها. و لو
[1] كان رائيا في إحدى الحالتين دون الأخرى؛ لأحس بالفرق ضرورة؛ هذا ما يتعلق بالرؤية.
و أما باقى الإدراكات: فعلى أصل الشيخ
[2] أبى الحسن أن المصحح للإدراك هو الوجود. فكما أن الرؤية عامة لكل موجود؛ فكذلك
كل إدراك يعم كل موجود.
و ذهب عبد الله بن سعيد، و القلانسى [3]،
و كثير من أصحابنا: إلى أن باقى الإدراكات لا تعم كل موجود؛ بل إدراك السمع يختص بالأصوات،
و الشم بالروائح، و الذوق بالطعوم، و اللمس بالحرارة، و البرودة، و الرطوبة، و اليبوسة،
و ما يتركب من هذه الكيفيات الملموسة؛ مصيرا منهم إلى أنه لا علة جامعة بين جميع المرئيات
على وجه يطرد، و ينعكس غير الوجود.
و أما في إدراك السمع فقالوا: العلة المصححة
له الجامعة لجميع أنواع المسموعات على وجه يطرد، و ينعكس؛ إنما هو الصوت و في إدراك
الشّم الرائحة، و في إدراك الذوق الطعم. و في إدراك اللمس؛ الكيفية الملموسة. و هو
ظاهر بين؛ و لعله الأظهر.
و ربما قيل في تحقيق الفرق بين الرؤية، و
باقى الإدراكات: أن الرؤية لا تستدعى اتصال المرئى بالمدرك بخلاف باقى الإدراكات؛ فإنها/
لا تتم دون اتصال المدرك بالمدرك؛ فلذلك خصت و لم تعم.
و قد أجاب عنه بعض الأصحاب: بأن الاتصال
في باقى الإدراكات غير معتبر.
أما الطعم: فلأن من دلّك أسفل قدميه بالحنظل
مرارا؛ أحس بالمرارة في حلقه مع عدم الاتصال.
و أما في الرائحة: فما نراه [4] من شم المسك
الأزفر على بعد من غير اتصال.
[1] فى ب (فلو). [2] فى ب (شيخنا). [3] القلانسى: ت في حدود سنة 335 ه أبو
العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسى، من متكلمى أهل السنة في القرن الثالث،
و زادت تصانيفه في الكلام على مائة و خمسين كتابا، و قد تأثر بابن كلاب، و صار على
نهجه، و هو من الأعضاء البارزين في المدرسة الكلابية التى تأثر بها الإمام الأشعرى.
(انظر الملل و النحل 1/ 93 و تبيين كذب
المفترى 398 و نشأة الفكر الفلسفى 1/ 374- 384). [4] فى ب (نجده).
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 488