قال الله- تعالى-: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوى [2].
و قد اختلف أهل الملة في ذلك.
فمنهم: من حمله على الاستقرار و المماسة
للعرش: كالمشبهة؛ و هو باطل؛ لأنه لو كان مستقرا على العرش. و العرش جسم من الأجسام؛
فإما أن يكون مساويا له، أو أكبر [3]، أو أصغر [3]؛ و الكل محال؛ لما سيأتى في [4]
إبطال ما لا [4] يجوز على الله تعالى.
و على هذا فما نقل عن بعض الأئمة المشهورين
[5] من قوله: «الاستواء معلوم، و الكيف مجهول، و السؤال عنه بدعة، و الإيمان به واجب».
إن أراد بالاستواء المعلوم: الاستقرار و
المماسة؛ فهو محال.
و إن أراد به استواء لا كاستوائنا، كما ذهب
إليه السلف، و الشيخ أبى الحسن الأشعرى في أحد قوليه؛ فغير معلوم؛ لعدم دلالة القاطع
عليه، و عدم دلالة اللفظ عليه لغة- كما سبق-
و ما عداه فالاحتمالات فيه متعارضة، على
ما يأتى.
و منهم من توقف. و التوقف إن كان للتردد
بين الاستواء بمعنى الاستقرار، و غيره من الاحتمالات؛ فخطأ؛ ضرورة انتفاء الاستواء
بمعنى الاستقرار قطعا، و إن كان للتردد بين ما عدا ذلك من الاحتمالات؛ لعدم القطع بواحد
منها على سبيل التعيين؛ فلا بأس به.
[1] انظر الإبانة عن أصول الديانة للأشعرى
ص 31 و أصول الدين للبغدادى ص 112 و الشامل لإمام الحرمين ص 550. و من كتب الآمدي: غاية المرام ص 137،
141. و من كتب المتأخرين: انظر شرح طوالع الأنوار
ص 184 و المواقف للإيجي ص 297 و شرح المقاصد 2/ 81. [2] سورة طه 20/ 5. [3] فى ب (أو أصغر أو أكبر). [4] فى ب (فيما). [5] هو الإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحى
الحميرى، أبو عبد الله: إمام دار الهجرة، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، و إليه
تنسب المالكية، ولد بالمدينة سنة 93 ه. و توفى بها سنة 179 (انظر الشامل لإمام الحرمين
ص 551، الأعلام للزّركلي 6/ 128).
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 461