اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 39
مكانته
العلمية، و آراء العلماء فيه
تتحدّد
مكانة الإنسان في أمته و مجتمعه، بمقدار ما يقدمه من أعمال، و بمدى الأثر الّذي يتركه
سواء في حياته، أو بعد مماته. و في الناحية العلمية على وجه الخصوص تقاس مكانته بالآثار
العلمية: سواء أ كانت مؤلفات، أم تلاميذ.
و
الآمدي من هذه الناحية قد بلغ الغاية؛ فقد ترك خمسة و عشرين مؤلفا في فنون مختلفة
[1]، و قد بلغ بعضها الغاية في كثير من الفنون؛ كالكلام، و الأصول، و الفلسفة، و المنطق،
و الجدل. و قد قامت حول بعضها عشرات المختصرات، و الشروح في حياته، و بعد مماته، و
ما زالت لكتبه نفس المكانة التى حظيت بها في حياته.
أما
تلاميذه: فقد كانوا بحق أئمة عصرهم في كثير من الفنون، كما تخرج على أيديهم عشرات الأعلام
ممن أصبحوا أئمة لعصورهم في كثير من الفنون كما سبق.
و
قد اعترف بإمامته لعلماء عصره أصدقاؤه و خصومه على حد سواء؛ فيتّفق معظمهم على أن الآمدي
كان شيخا للمتكلمين في عصره، و لم يوجد له نظير في العلوم العقلية.
و
قد أوصله إلى هذه المكانة جدّ لا يعرف الكلل، و انصراف إلى العلم و الدراسة، شغله عن
كل شيء حتى عن نفسه أحيانا، و ذكاء دفع بعض مؤرخيه إلى أن يعدّه أذكى أذكياء أهل زمانه.
يقول
عنه تلميذه شمس الدين بن خلكان: «ما عسى أن يقال في أعجوبة الدهر، و إمام العصر، و
قد ملأت تصانيفه الأسماع، و وقع على تقدّمه و فضله الإجماع، إمام علم الكلام، و من
أقر له فيه الخاص، و العام. صاحب المصنفات المشهورة، و التعاليق المذكورة. من أكبر
جهابذة الإسلام، و من يرجع لأقواله في الحل و الإبرام، و الحلال و الحرام»، ثم يصفه
فيقول: «كان خير الطباع، سليم القلب، حسن الاعتقاد، قليل التعصب».
و
يقول تلميذه أبو المظفر سبط ابن الجوزى: «لم يكن في زمانه من يحاذيه في علم الكلام،
و الأصول، و كان سريع الدمعة، رقيق القلب [2]».