اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 373
الأول: أن الكلام عنده قديم، و تقدير ضد
للقديم محال؛ لأنه إنما يجوز تقدير الضد فيما يجوز تقدير انتفائه؛ و انتفاء القديم
محال.
الثانى: أن الرب- تعالى- على أصله آمر بأشياء،
و غير آمر بأشياء يمكن أن يكون آمرا بها، و لم يكن متصفا بضد الأمر فيما لم يأمر به
عنده. و إذا جاز أن لا يكون متصفا بضد الأمر فيما لم يأمر به، جاز أن لا يكون متصفا
بضد الكلام مع إمكان تكلمه.
سلمنا أن الكلام له ضد مطلقا، و لكن لم قلتم
بامتناع الخلو عن جميع الأضداد؟
و بم الرد على [1] الصّالحى من المعتزلة
في قوله بذلك؟
سلمنا استحالة الخلو؛ و لكن متى يكون الخرس،
أو غيره [2] صفة نقص [2]؟ إذا كان الكلام صفة كمال، أو إذا لم يكن؟ الأول: مسلم. و
الثانى: ممنوع.
و ذلك لأنه مهما لم يكن الكلام صفة كمال؛
فلا يلزم أن يكون ضده صفة نقص، و لم [3] يثبتوا [3] أن الكلام صفة كمال بالنسبة إلى
الرب- تعالى-؛ فلا يثبت أن أضداد الكلام من صفات النقص.
و الجواب:
أما السؤال الأول: فمندفع؛ فإنه إذا سلم
جواز اتصاف كل حي بصفة الكلام، فالكلام الّذي هو صفته:
إما العبارات المؤلفة من الحروف و الأصوات،
كما يقوله الخصوم، أو المعنى القائم بالنفس كما نقوله نحن.
و على كلا التقديرين: فله ضد؛ فإن كل ما
ينافى كلام النفس: كالغفلة، و السهو، و الطفولية، و البهيمية، فهو ضد له، إذ لا معنى
للضد إلا هذا. و كل معنى يمنع من خطور الكلام في النفس مطلقا على وجه لا يوجد معه الكلام
أبدا؛ فهو المعنى بالخرس، و ليس
[1] الصّالحى:
صالح بن عمرو الصّالحى. شيخ الصّالحية التى
نسبت إليه و هو من مرجئة القدرية.
(الملل و النحل 1/ 145). [2] فى ب (و نحوه صفة كمال). [3] فى ب (و متى لم يثبتوا).
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 373