responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين    الجزء : 1  صفحة : 356

و إذا أتينا على ما هو المنقول عن أرباب هذه المذاهب في هذه المسألة؛ فلا بد من الإشارة إلى طرق عول عليها بعض الأصحاب في المسألة، و التنبيه على ضعفها، ثم نبين بعد ذلك ما هو المعتمد إن شاء الله- تعالى.

[المسلك الأول للأصحاب و الاعتراضات الواردة عليه‌]

فمنها: التمسك بقوله- تعالى-: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ‌ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [1] و وجه الاحتجاج به أنه أخبر بأن مصدر جميع المخلوقات أمره، و هو قوله:

(كن).

و يلزم من ذلك أن يكون أمره قديما، و إلا لاستدعى أمرا آخر، و الكلام في ذلك الأمر كالكلام في الأول؛ و هو تسلسل ممتنع.

فإن قيل: ليس المراد من الآية تحقيق الأمر القولى، و خطاب ما أريد خلقه به؛ بل المراد به إنما هو تعريف بعود الإرادة، و المشيئة في المخلوقات، و التسخير على وفق الإرادة و الاختيار؛ إذ هى حالة تنزل منزلة القول بالأمر، و النهى. و قد يرد القول بمعنى الحالة، لا بمعنى الكلام حقيقة، و إليه الإشارة بقوله- تعالى- ثُمَّ اسْتَوى‌ إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ [2].

و ليس المراد من قوله- تعالى- (فَقالَ لَها) غير التعبرة عن نفوذ الإرادة في السماء، و الأرض، و كمال التسخير؛ فإن خطاب الجماد متعذر باتفاق العقلاء.

و ليس المراد من قوله: (قالَتا أَتَيْنا/ طائِعِينَ) غير التعبرة عن تمام الطواعية، و الانقياد لإرادة الله- تعالى-، لا نفس الكلام الحقيقى؛ إذ هو متعذر في الجمادات قطعا.

و من ذلك أيضا قال الشاعر:

امتلأ الحوض و قال قطنى مهلا رويدا قد ملأت بطنى [3]

 

أضاف القول إلى الحوض؛ و ليس المراد به غير التعبرة عن الحالة؛ لاستحالة القول في حقه. و أمثال ذلك في النظم، و النثر كثير.


[1] سورة النحل 16/ 40 صححت الآية حيث كانت في أ، ب (إنما أمرنا ... الخ).
[2] سورة فصلت 41/ 11.
[3] ورد في لسان العرب مادة قطن بالنص الآتى:
امتلأ الحوض و قال قطنى سلا رويدا قد ملأت بطنى‌
 
 
كما ورد في شواهد العينى على خزانة الأدب 1/ 361.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين    الجزء : 1  صفحة : 356
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست