فمنهم من قال: لا يوصف البارى- تعالى- بما
يوصف به خلقه؛ فلا يوصف بكونه عالما، و لا حيا؛ و لكن يوصف بكونه قادرا، خالقا؛ لأنه
لا يوصف شيء من مخلوقاته بذلك على الحقيقة، و أثبت لله علوما حادثة لا في محل؛ و هذا
هو مذهب جهم بن صفوان [2].
و منهم من قال: هو عالم: بمعنى أنه ليس بجاهل؛
و هو مذهب ضرار بن عمرو [3].
و ذهب الجبّائى، و ابنه أبو هاشم: إلى أنه
عالم لذاته؛ لكن اختلفا.
فقال الجبّائى: هو عالم لذاته: أى لا يقتضي
كونه عالما، صفة زائدة من علم، أو حال.
و قال أبو هاشم: هو عالم لذاته: بمعنى أنه
ذو حالة زائدة لا توصف بالوجود، و لا بالعدم، و لا بكونها معلومة، و لا مجهولة
[4].
[1] ابن سينا: الحسين بن عبد الله بن سينا، أبو على، شرف
الملك، الفيلسوف الرئيس صاحب التصانيف المشهورة في الطب، و المنطق، و الطبيعيات، و
الإلهيات صنف نحو مائة كتاب بين مطول، و مختصر، و قد شرح الآمدي كتاب الإشارات له في
كتابه: كشف التمويهات. مما يدل على اهتمامه به و بطريقته، كما أنه يقدم لآرائه غالبا
بقوله: قال أفضل المتأخرين- ولد ببلخ سنة 370 ه،
و توفى بهمذان سنة 428 ه (وفيات الأعيان) 1/ 419 و معجم المؤلفين 4/ 20). أما عن رأيه
في العلم فانظر النجاة ص 243- 251، و الإشارات 3/ 201- 206. [2] انظر الفرق بين الفرق ص 211 و الملل
و النحل 1/ 86 و مقالات الإسلاميين 1/ 214- و قد سبقت ترجمة الجهم عند الكلام على الجهمية. [3] ضرار بن عمرو: شيخ الضّراريّة التى
نسبت إليه، و قد ظهر ضرار بن عمرو في أيام واصل بن عطاء ثم صار مجبرا، و عنه نشأ هذا
المذهب و قد وضع بشر بن المعتمر كتابا في الرد على ضرار. (ميزان الاعتدال ترجمة رقم 3953 و الفرق
بين الفرق ص 213 و لسان الميزان 3/ 203 و الملل و النحل 1/ 90) أما عن رأيه في العلم:
فانظر الملل و النحل 1/ 90- 91. [4] عن رأى الجبائى و ابنه أبى هاشم في
حالتى اتفاقهما، و اختلافهما. انظر الأصول الخمسة ص 182.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 323