اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 233
الثالث: سلمنا أن الوجود حاصر لكل واحد من
آحاد الجملة؛ و لكن لا نسلم أن الحكم على الآحاد يكون حكما على الجملة؛ و لهذا يصدق
أن يقال لكل واحد من آحاد الجملة، أنه جزء الجملة، و لا يصدق/ على الجملة أنها جزء
الجملة.
الطريق الرابع [1]: أنه لو وجد علل، و معلولات
لا نهاية لها، فما من وقت يقدر إلا و العلل و المعلولات منتهية إليه؛ و انتهاء ما لا
يتناهى محال.
و هو غير سديد أيضا؛ فإن الانتهاء من أحد
الطرفين- و هو الأخير- و إن سلمه الخصم، فلا يوجب النهاية في الطرف الآخر، ثم يلزم
عليه عقود الحساب، و نعيم أهل الجنة، و عذاب أهل النار؛ فإنه و إن كان متناهيا من طرف
الابتداء؛ فغير متناه إمكانا في طرف الاستقبال.
و الأقرب في ذلك أن يقال:
لو كانت العلل، و المعلولات غير متناهية،
و كل واحد منها ممكنا على ما وقع به الفرق [2] فهى: إما متعاقبة، أو معا [3].
فإن كانت متعاقبة: فقد قيل إن ذلك محال لوجوه
[4] ثلاثة [4]:
الأول: هو أن كل واحد منها يكون مسبوقا بالعدم،
و الجملة مجموع الآحاد؛ فالجملة تكون مسبوقة بالعدم، و كل جملة مسبوقة بالعدم؛ فلوجودها
أول تنتهى إليه، و كل ما لوجوده أول ينتهى إليه؛ فالقول بكونه غير متناه محال.
الثانى: هو أن كل واحد منها يكون مشروطا
في وجوده بوجود علته قبله؛ فلا يوجد حتى توجد علته، و كذلك الكلام في علته بالنسبة
إلى علتها، و هلم جرا.
فإذا قيل بعدم النهاية؛ فقد تعذر الوقوف
على شرط الوجود، فلا وجود لواحد منها.
و هذا كما إذا قيل: لا أعطيك درهما إلا و
قبله درهم؛ فإنه لما كان إعطاء الدرهم مشروطا
[1] قارن بالإرشاد ص 26، و الاقتصاد ص
18، و غاية المرام ص 12 و درء التعارض لابن تيمية 3/ 52 حيث ينقل
ما أورده الآمدي هنا بنصه. [2] فى ب (الفرض) [3] فى ب (أولا) [4] فى ب (لثلاثة أوجه)
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 233