اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 231
و أيضا: فإنه ليس كل جملتين تفاوتتا بأمر
متناه، تكونا متناهيتين؛ فإن عقود الحساب مثلا، لا نهاية لأعدادها. و إن كانت الأوائل
أكثر من الثوانى، بأمر متناه، و هذه الأمور، و إن كانت تقديرية ذهنية، فلا خفاء أن
وضع القياس المذكور فيها على نحو وضعه في الأمور الموجودة بالفعل؛ فلا يتوهمن الفرق
واقعا من مجرد هذا الاختلاف.
و القول بأن ما زادت به إحدى الجملتين على
الأخرى، لا بدّ و أن يكون له نسبة إلى الباقى [1]؛ غير مسلم. و لا يلزم من قبول المتناهى
لنسبة المتناهى إليه، قبول غير المتناهى لنسبة المتناهى إليه.
و أما المتكلم:
فله في إبطال القول بعدم النهاية طرق:
الأول [2]: ما أسلفناه من الطريقة المذكورة،
و يلزم عليه ما ذكرناه، ما عدا التناقض اللازم للفيلسوف، من [3] ضرورة اعتقاد [3] عدم
النهاية فيما ذكرناه من الصور، و عدم اعتقاد المتكلم لذلك، غير أن المناقضة لازمة للمتكلم
من جهة اعتقاده عدم النهاية في معلومات الله تعالى، و مقدوراته، مع وجود ما ذكرناه
من الدليل الدّال على وجوب النهاية فيها.
و ما يقال من أن المعنى بكون المعلومات،
و المقدورات غير متناهية؛ صلاحية العلم؛ لتعلقه بكل ما يصح أن يعلم، و صلاحية القدرة
لتعلقها بكل ما يصح أن يوجد، و ما يصح أن يعلم و يوجد غير متناه؛ لكنه من قبيل التقديرات
الوهمية، و التجويزات الإمكانية؛ و ذلك مما لا يمتنع كونه غير متناه عندنا؛ بخلاف الأمور
الوجودية، و الحقائق العينية؛ فلا أثر لها في القدح أيضا؛ فإن هذه الأمور و إن لم تكن
من موجودات الأعيان؛ غير أنها متحققة في الأذهان. و لا يخفى أن نسبة ما فرض استعماله
فيما له وجود ذهنى، على نحو استعماله فيما له وجود عينى.
الطريق الثانى [4]: قوله: لو وجد أعداد لا
نهاية لها. لم تخل: إما أن تكون شفعا، أو وترا، أو شفعا و وترا معا، أو لا شفع، و لا
وتر.
[1] فى ب (الثانى) [2] انظر الاقتصاد في الاعتقاد ص 17-
19، غاية المرام ص 11، و المآخذ ل 80 أ. و انظر درء التعارض لابن تيمية 3/ 44 حيث ينقل
ما أورده الآمدي هنا بنصه. [3] فى ب (ضرورة اعتقاده) [4] قارن الاقتصاد في الاعتقاد للغزالى
ص 17، 18
و انظر غاية المرام للآمدى ص 11 و انظر درء
التعارض لابن تيمية 3/ 47، 48 حيث ينقل ما أورده الآمدي هنا بنصه- ثم يرد عليه في
3/ 48 و ما بعدها.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 231