اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 154
الفصل
السادس فيما قيل [1] من أنّ النّظر ينقسم إلى خفي، و جلى [1]
و
قد ذهب بعضهم [2] إلى أنّ: مراتب النّظر الصّحيح متفاوتة، و منقسمة إلى [3] الخفي و
الجلى، محتجا على ذلك [3] بما تجده من سرعة بعض النظار إلى إدراك مقصده، و بعد غيره،
و افتقار البعض إلى بحث [4] أشدّ من بحث الآخر، و ذلك مختلف باختلاف المطلوب في قرب
الإدراك و بعده. حتى إن النّظر في مسألة افتقار الممكن إلى محدث [5] أقرب و أجلى من
النظر في مسألة حدوث العالم، و غيرها من المسائل الغامضة الدقيقة.
و
إطلاق العقلاء، و أهل التحقيق، شائع ذائع بقولهم: هذا نظر جلى، و هذا خفي؛ و هو بعيد
عن التحقيق، فإنّ النظر بحث يطلب به البيان، و هو مضاد للبيان، على ما تقدم في القاعدة
الأولى [6]، و ما يضاد البيان؛ لا يكون موصوفا به، و ما لا يكون موصوفا بالبيان لا
يقال: منه ما هو جلى، و خفي؛ إذ الجلاء، و الخفاء من صفات البيان. و سرعة بعض النظار
في إدراك مقصده، و بعد الآخر؛ ليس بسبب تفاوت النظر في الجلاء و الخفاء؛ بل إنّما ذلك
بسبب استناد النظر إلى الضّروريات و قلّة الوسائط المستندة إليها و كثرتها، و طول الزمان
و قصره، أو بسبب التفاوت في كلال القريحة، و القوى الدراكة في البحث عن وجه دلالة الدليل.
و
بالنظر إلى الاحتمال الأول: كان قرب حصول بعض المطلوبات دون البعض.
و
عليه يجب حمل الإطلاق بانقسام النظر إلى الجلى، و الخفي.
أما
أن يكون أحد النظرين أبين في نفسه من النّظر الآخر؛ فلا.
و
إن أطلق الجلاء و الخفاء باعتبار ما حققناه؛ فالمنازعة في اللفظ دون المعنى.
[1]
في ب (إن النظر ينقسم إلى جلى، و خفي). انظر طوالع الأنوار ص 31، 32. [2]
و قد وضح إمام الحرمين هذا البعض بأنهم بعض المنتمين إلى الأصوليين، و أسهب في الرد
عليهم في الشامل ص 101- 105 و ما هنا قد يكون مختصرا لما أورده إمام الحرمين في الشامل. [3]
في ب (الجلى و الخفي محتجا إلى ذلك). [4]
في ب (أبحاث). [5]
في ب (المحدث). [6]
انظر ل 15/ أ.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 154