و
النظر في وضع اللغة: قد يطلق بمعنى الانتظار، و الرؤية، و الرأفة، و المقابلة، و التفكر،
و الاعتبار. كما يأتى تحقيقه في مسألة الرّوية إن شاء الله- تعالى [2].
و
أما في اصطلاح المتكلّمين: فالنّظر موضوع لبعض مسمّياته في اللغة: و هو التفكر و الاعتبار؛
فالمعنى واحد. و إن كان اللفظ مختلفا.
و
أقرب ما قيل فيه من العبارات: ما قاله القاضى أبو بكر: من أن النظر: هو الفكر الّذي
يطلب به من قام به علما، أو غلبة ظن.
و
قوله: هو الّذي يطلب به من قام به علما، أو غلبة ظن. شرح لمعنى الفكر؛ فإنه لما قال:
النظر هو الفكر. كأنّ سائلا سأل و قال: فما الفكر؟
فقال:
هو الّذي يطلب به من قام به علما،/ أو غلبة ظن. و قد قصد بقوله: يطلب به: الاحتراز
عن سائر الصّفات المشروطة بالحياة، و عن الحياة؛ فإنه لو قال: هو الّذي يطلب من قام
به علما، أو غلبة ظنّ. و لم يقل به؛ لانتقض بسائر هذه الصفات؛ فإنّها قائمة بطالب العلم،
أو الظّن، و ليست فكرا.
و
بقوله: علما، أو غلبة ظنّ، تعميم القاطع، و الظّنى.
و
يرد عليه إشكالات أربعة:
الأول:
أنه إذا كان النّظر، هو الفكر. و ذلك الفكر: هو ما يطلب به العلم، أو الظّن؛ فالنّظر:
يطلب به العلم، أو الظّن.
و
الظّن المطلوب بالنّظر، ينقسم إلى: ما المظنون فيه على وفق الظّن؛ فيكون حقا.
و
إلى ما هو على خلافه؛ فيكون جهلا؛ و يلزم من ذلك أن يكون الجهل مطلوبا بالنظر؛ و هو
ممتنع.
[1]
قارن بالمغنى للقاضى عبد الجبار ج 12 ص 4 و ما بعدها و شرح الأصول الخمسة له أيضا ص
44 و ما بعدها، و انظر الإرشاد للجوينى ص 6 و المحصل للرازى ص 23 و الإحكام للآمدى
1/ 8، 9 و منتهى السئول له أيضا 1/ 4 و شرح المواقف ص 82- 90 للجرجانى و شرح المقاصد
ص 23- 25 للتفتازانى. [2]
انظر ل 123/ أ.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 125