المقام
من طرفين فأحدهما يضمن قيمة المال بالفسخ وهو المغبون ، وثانيهما يضمنها
بالاتلاف فيتساقطان بالتهاتر القهري ، إذ المدار حينئذ بقيمة يوم الأداء.
وتوضيحه: أنّ ضمان القيمة ووجوب دفعها إنّما هو في صورة عدم وصول العين إلى
مالكها حقيقة أو حكماً ، إذ لا يحتمل مع وصول العين إلى مالكها تغريم
الطرف بقيمتها ، وفي مفروض المقام قد وصل العين إلى الغابن باتلافه ، وهذا
نظير ما إذا غبن خبّاز أحداً فباع القرص من الخبز بعشرين فلساً ثمّ أخذه من
يد المشتري المغبون فأكله ، فإذا فسخ المغبون حينذاك وطالب الخبّاز بفلوسه
أفيحتمل أن يطالبه الخبّاز بقرصه فإنّه يجيبه بأنّك قد أخذت مالك وأكلته.
وبالجملة: أنّ التغريم بالقيمة في غير صورة وصول العين إلى مالكها حقيقة أو
حكماً ، وأمّا معه فلا وجه لوجوب دفع القيمة ، والمقام من هذا القبيل
لوصول المال إلى مالكه حكماً لأنه الذي أتلفه ، وعليه فتتساقط القيمتان
بالتهاتر ولا وجه لضمان قيمة يوم الضمان حينئذ.
وهذا الوجه وإن لم أرَ من تعرّض له إلّاأنه موافق للقاعدة ومطابق للسيرة
العقلائية ، والصحيحة مختصة بموردها ولا يمكن التعدّي عنها لمخالفتها
للقاعدة وموردها هو ما إذا كان الضمان من طرف واحد ، وأمّا في موارد ضمان
شخصين لمال واحد كما في المقام فلأجل عدم مطابقة الصحيحة للقاعدة لا يمكن
التعدّي إليه ، هذا كلّه في صورة الاتلاف من غير إبراء المالك ذمّة المتلف
عن ضمانه.
وأمّا إذا أبرأ المغبون ذمّة الغابن عن ضمان ما أتلفه عليه ثمّ بعد ذلك فسخ
العقد ، فمقتضى قانون الفسخ رجوع الثمن إليه وللغابن مطالبته بالمثمن ،
ولا يمنع عنه إتلافه لأنه قد خرج عن عهدته بابراء المغبون فكأنّه لم يتلف
أصلاً فيرجع إليه بالمثمن لا محالة ، هذا كلّه في صورة إتلاف أحدهما مال
الآخر. المسألة الثالثة: فيما إذا أتلفه الأجنبي ثمّ بعد ذلك فسخ المغبون ، فللمالك أن