ولا يخفى عليك أنّا ذكرنا في بحث الولاية{1}
أنّ ولاية الحاكم لم تثبت بدليل لفظي حتى نتمسك باطلاقها كما نثبت ولاية
الأب والجدّ بالروايات وللتمسك باطلاقها مجال ، وبه نقول بجواز ردّ الثمن
إلى الأب عند اشتراء الجدّ أو إلى الجدّ عند اشتراء الأب لأنّهما وليّان
للطفل مطلقاً ، وأمّا الحاكم فلم يدل على ولايته دليل حتى يصح التمسك
باطلاقه ، بل إنّما قلنا بولايته من باب الحسبة أي القطع بعدم رضا الشارع
بذهاب مال الصغير أو نفسه هدراً أو بتلفه بلا موجب ، وأنّ الشارع راضٍ
بالتصرف في أمواله حفظاً له أو لماله عن الضياع والتلف ، والمقدار المتيقّن
ممن يجوز له التصرف في أموال الأطفال من باب الحسبة هو الحاكم ، وذلك لعدم
احتمال كون العدالة مانعة عن القيام بتلك الوظيفة وعن جواز التصرف في مال
الطفل بأن يكون الفسق شرطاً في جواز التصرف في مال الطفل ، كما لا نحتمل
مانعية العلم عن ذلك بأن يقال باعتبار الجهل في المتصرف ، وعليه فالأمر
يدور بين تعيّن الحاكم الشرعي أي العالم العادل في التصرف في أموال الأطفال
وبين غيره من المؤمنين ، ولا إشكال أنّ الحاكم متعيّن.
وكيف كان ، فالأخذ بالحاكم وإثبات ولايته من باب الحسبة والأخذ بالمقدار
المتيقّن كما ذكرناه في بحث الولاية ، وعليه فنقول: إذا قام بهذه الوظيفة
أحد الحاكمين وباع أو اشترى للطفل مع مراعاة الغبطة والصلاح ، فبأيّ دليل
تبقى الولاية للحاكم الثاني حينئذ حتى يجوز له أخذ الثمن أو نحوه ، لما
عرفت من أنّ ولايته من جهة الأخذ بالمقدار المتيقن والحاكم الثاني ليس من
القدر المتيقن بعد تصرفات الحاكم الأوّل ، وعليه فليس جواز ردّ الثمن إلى
الحاكم الثاني أو عدمه
{1} راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب مبحث الولاية الصفحة 175