المتعيّن هو الأوّل، عملاً بظاهر الأمر في دليل التقييد، بعد أن لم تكن ثمّة قرينة تقتضي صرفه إلى الاستحباب.
و أمّا إذا كان الحكم انحلالياً ومجعولاً على نحو مطلق الوجود، الساري إلى
جميع الأفراد على سبيل تعدّد المطلوب، فليست هناك أيّة منافاة بين الدليلين
كي تحتاج إلى الجمع، لجواز الأخذ بكلّ منهما، نظير قوله: بول الهرة نجس{1}بالإضافة إلى قوله(عليه السلام): «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه»{2}و قوله: النبيذ حرام{3}، مع قوله: «كلّ مسكر حرام»{4}، وقوله: ماء البحر طاهر»{5}مع قوله: خلق اللََّه الماء طهوراً{6}إلى
غير ذلك من الأحكام المجعولة على الطبيعة السارية، التي لا تنافي بينها
وبين ما دلّ على ثبوت الحكم لبعض أفرادها كي يحمل مطلقها على مقيّدها. فلا
يحمل ما لا يؤكل على خصوص الهرة، ولا المسكر على النبيذ، ولا الماء على ماء
البحر، بل يعمل بكلا الدليلين بعد عدم التنافي في البين.
و المقام من هذا القبيل، فإنّ صحيحة أبي بصير دلّت على المنع من إمامة
الأعرابي بنحو مطلق الوجود، الشامل لمثله وللمهاجر، فلا تنافيها صحيحة
زرارة الخاصّة بالمهاجر، بل يعمل بكل منهما. ومعلوم أنّ التقييد بالمهاجر
لا يدلّ على نفي الحكم عن غيره ليقع التنافي بينه وبين الإطلاق، لعدم مفهوم
للوصف. فلا تنافي بين الدليلين، لا من ناحية صناعة الإطلاق والتقييد، ولا
من ناحية مفهوم القيد، كي يستوجب الحمل المزبور. فلا مناص من الأخذ بكلا
الدليلين.