responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النظرية المهدوية في فلسفة التاريخ المؤلف : الأسعد بن علي قيدارة    الجزء : 1  صفحة : 87

والطبيعة ليست إطاراً مادّياً لحركة الإنسان وفضاءً مكانياً لمسيرته وصيرورة حضاراته فقط ، كما يعتقد بعضهم ، حيث يتعاطى معها كعنصر حيادي تجاه مسيرة الإنسان وطبيعة النظم والرؤى التي يؤمن بها ويتحرّك وفقها ، بل إنّ الطبيعة في المنظور القرآني تتفاعل إيجاباً وسلباً مع صلاح العمل الإنساني وعدم صلاحه واستقامة السلوك الإنساني وعدم استقامته ، فالأرض تفجّر خيراتها والسماء تنزل قطرها إذا أقام المجتمع نظمه وقوانينه على قاعدة العدل والمساواة بمنأى عن الظلم والاستغلال ، ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ) [ الجن ].

( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) [ الطلاق ].

وهذا المبدأ يفسّر لنا طبيعة الرفاه الاقتصادي الاستثنائي الذي يعرفه مجتمع الظهور حيث لا يوجد في المجتمع فقير محلّ للزكاة ، والمال يحثوه الإمام حثواً ، ولا يعدّه عداً ، ولا تترك السماء قطراً إلا أنزلته والأرض نبتاً إلا أنبتته كما سنفصّل ذلك في الفصل الرابع إن شاء الله تعالى.

العامل الرابع : النظم الاجتماعية السياسية

تهمل دراسات فلسفة التاريخ عادة هذا العامل بسبب الاستغراق في النظرة الفردية للإنسان وحركته في الزمن.

ويُقصد بالنظم الاجتماعية السياسية : الصيغ الحياتية التي تنظّم حياة الناس في علاقات الإنسان بأخيه الإنسان في مختلف المجالات ( الأسرية ، الاقتصادية ، السياسية )

لقد أكّد القرآن على الروح الجماعية والمسؤولية المجتمعية ، ومن هنا كان الحديث عن عذاب الأُمّة وأجل الأُمم ، ومصير الأُمم ، وعقاب الأُمم ، وليس ذلك إلا لأنّ للمجتمع والأُمّة روح واحدة تصحّح هذه المسؤولية وتسوّغ هذه التوصيفات.

والنظم الاجتماعية السياسية هي التي تشكّل هذه السمة الجماعية وتصبغ هذه الروح بطابعها الخاص ، ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [ البقرة ].

اسم الکتاب : النظرية المهدوية في فلسفة التاريخ المؤلف : الأسعد بن علي قيدارة    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست