محسن الأمين في معاملاته لغير أبناء الطائفة الشيعية أقلّ من معاملته الحسنة لأبناء طائفته ، ولم أجد في حياتي كلّها مؤسّس مدرسة في الدنيا لا يبالغ بحبّ أبناء طائفته أولاً وإيثارهم على غيرهم ، وجعلهم مقدّمين في الوظائف على غيرهم باستثناء مولانا الراحل الذي كان يفتّش عن معلّمين للمدرسة يحسنون التدريس ، دون النظر إلى الطائفة التي ينتمون إليها إذ كان يفتّش عن الإنتاج الفكري ، والنضوج العقلي ، والوعي في الأستاذ دون أن يسأل عن طائفته ، وعن نحلته ، وهذا بشهادة جميع الذين لمسوا من الراحل الكريم هذا التسامح وهذه العدالة ...
لقد كان أساتذة المدرسة من جميع رجال الطوائف ، وإنّي لأذكر على سبيل الاستشهاد والمثال أنّ معلّمي الدروس الصرفية والنحوية كانوا من السنّة والشيعة ، وكان المدرّس للّغة الفرنسية مسيحياً ، وكان مدرس اللغة التركية سنّياً.
ونظراً للشهرة التي نالتها المدرسة يومئذ أقدم الكثيرون على إرسال أولادهم إلى المدرسة وهم من مختلف الطوائف ، ولم يكن في برامج التعليم أية صفة خاصة ، أو ميزة لفريق دون آخر من التلامذة [١].
ويصف هذه المدرسة الشيخ هاشم الخطيب بقوله : ( إنّ مدرسته المحسنية بجميع فروعها التي أسّسها على حبّ التسامح والإخاء قد أثمرت ولله الحمد ثمرتها المنتظرة ونرجو لها دوام التقدّم والازدهار بهمّة من يسيرون على نهج مؤسّسها المخلص الوفي [٢].
[١] لاحظ أعيان الشيعة ١٠ : ٤١١. [٢] المصدر السابق : ٤١٣.