ومن أجل أن يتأكّد العالم من صحّة اجتهاده ، وصوابيه رأيه ، لابدّ له من الاطلاع على جميع الاحتمالات والوجوه الواردة في الموضوع.
يقول العلامة الشاطبي في كتابه الموافقات :
فعن قتادة : من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه.
وعن هشام بن عبيد الله الرازي : من لم يعرف اختلاف القراءة فليس بقارئ ، ومن لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه.
وعن عطاء : لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتّى يكون عالماً باختلاف الناس ، فإنّه إن لم يكن كذلك ردّ من العلم ما هو أوثق من الذي في يديه.
وعن مالك : لا يجوز إلّا لمن علم ما اختلف الناس فيه [١].
ونقل عن الإمام أحمد بن حنبل : لا ينبغي لأحد أن يفتي إلّا أن يعرف أقاويل العلماء في الفتاوى الشرعية ، ويعرف مذاهبهم ... ومثل هذا ما رواه ابن القيم عن رواية ابن حنبل : ينبغي لمن أفتى أن يكون عالماً بقول من تقدم وإلّا فلا يفتي [٢].
وتبعاً لاهتمام علماء السلف بالاطلاع على مختلف الآراء ، ودراستها ومناقشتها ، تكون علم جديد أطلق عليه الفقه المقارن أو علم الخلاف وعرّفوه بأنّه علم يقتدر به على حفظ الأحكام الفرعية المختلف فيها بين الأئمة أو هدمها بتقرير الحجج الشرعية وقوادح الأدلة [٣].
[١] الموافقات في أصول الشريعة ٤ : ١٦١. [٢] دراسات في الاختلافات الفقهية : ١٥٩. [٣] الأصول العامة للفقه المقارن : ١٣.