responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المسلمون في النرويج المؤلف : هدى علي الجابري    الجزء : 1  صفحة : 51
تجسدت في الكنيسة، فنيتشه أعاد النظر في القيم الأخلاقية، ولكنه انتهى إلى قيم وكأنها ليست قيماً، انتهى إلى قيم ضد القيم.

الحل لا يؤخذ من الواقع:

إنّ الواقع كما يتجلّى في الفلسفة الغربية من حيث هي انعكاس للظروف، إنّ هذا الواقع لا يستطيع ـ في نظر الشهيد الصدر ـ أن يقدم الحلّ لأزمة القيم، فالواقع فاسد والأدوات الفكرية التي تستمد منه ستكون غير صالحة هي الأخرى، فالفلسفة الغربية اصطدمت بالعجز نتيجة لواقعيتها هذه، وهذا لا يعني أنّ الواقعية في حدّ ذاتها غير صالحة، ولها نتائج سلبية في مجال التنظير الأخلاقي والاجتماعي، إنّ النقص لا يكمن في الواقعية بل في صورة الموقف من الواقع، فالمذاهب الأخلاقية كالنفعية والبرجماتية بدلا من الانطلاق من الواقع لتغييره، حجزت القيم الأخلاقية داخل هذا الواقع، وهذا تناقض، لأنّ الواقع يعبر عمّا هو كائن، في حين أن القيم الأخلاقية تعبر عمّا يجب أن يكون، فما هو كائن لا يمكن أن يصبح معياراً لما يجب أن يكون، فالواقع لا يمكن أن يكون مصدراً للقيم الأخلاقية، والعقل كذلك عاجز عن صياغة حل لأزمة القيم في نظر الشهيد الصدر، فالعقل بالمفهوم الغربي هو عقل منقطع عن الميتافزيقيا، فليست له أبعاد مستقبلية، وليست له إمكانيات تُمكنه من تجاوز ماهو معطى لصياغة رؤية مستقبلية تُمكن الإنسانية من تجاوز أزمة القيم في الحضارة المعاصرة.

نظرة الشهيد الصدر إلى العقل

إنّ هذه النظرة إلى العقل التي طرحها الشهيد الصدر لم تنته إلى ما انتهى إليه الفكر الغربي عندما انتقد العقل وانتقد القيم وانتقد الدين. فكانت النتيجة مأساوية: زوال الإنسان كنتيجة ملازمة للرؤية الوضعية، التي تنفي وجود الله وتنفي بالتالي وجود الإنسان كخليفة لله في الأرض. فالنقد عند الشهيد الصدر لا يعني نفي العقل أو رفض العقلانية بل يعني إدماج العقل في الرؤية الشمولية إلى الإنسان من حيث هو وحدة مادية وروحية وذاتية واجتماعية، لذلك يرى الشهيد الصدر بأنّه لا يمكن للفلسفة وحدها أن تجد علاجاً لازمة القيم، فالفلسفة مهما كانت قوتها ومهما كان تماسكها المنطقي فهي من إنتاج العقل المرتبط بالظروف الزمانية والمكانية، فحتى الفلسفات التي لا تنكر ما يتجاوز العقل فإنها تبقى مجرّد فلسفة صاغها الإنسان، فالفلسفة ظاهرة اجتماعية وثقافية وليست وحياً، فهي لا تتمتع بالعصمة أو بقوة تُمكنها من التعالي على الأوضاع النفسية والاجتماعية والفكرية والتاريخية التي ساهمت في نشوئها، فلا يمكن للفلسفة وحدها أن تغير وضعية الإنسانية في عصر معين خاصة في مرحلة تاريخية مثل المرحلة الراهنة وما تتميز به من أزمة حادة وخطيرة في مجال القيم وفي المجال الاجتماعي والحضاري، فالأزمة الحضارية والقيمية الراهنة يتمثل علاجها في مستوى يتجاوز مجرد عملية التفلسف كما تتمّ في الفلسفة الوضعية والمادية، فعلاج الأزمة يحتاج إلى قيم متعالية وإلى رؤية فلسفية ترتكز على قيم ومبادئ ومفاهيم متعالية، أي علاج الأزمة يحتاج إلى فلسفة لا تتم في إطار التوفيق بين الدين

اسم الکتاب : المسلمون في النرويج المؤلف : هدى علي الجابري    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست