الجليل كميل بن زياد، وآخرون غيرهم ـــ لم نذكرهم طلباً للاختصار ـــ[1] من الآخذين بهدى الثقلين اللذين أوصى النبيّ(صلى الله عليه وآله) أمّته بالأخذ بهما من بعده، هو نفسه الاعتقاد الّذي يسير عليه الموالين لأهل البيت(عليهم السلام) في يومنا هذا، بل وفي كلّ زمان, فهذه العقيدة هي عقيدة (الشيعة الإمامية)، إذ لا يوجد أدنى فارق بين ما يعتقده أولئك الصحابة والتابعين الأخيار وبين ما يعتقده (الإمامية) اليوم، بل وقبل هذا اليوم، من الولاء والانقطاع إلى أهل البيت(عليهم السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) امتثالاً لأوامره(صلى الله عليه وآله).
ولا يدّعي مدّعي بأنّ هؤلاء (السلفية) أو ما يسمّون أنفسهم بـ (أهل السنّة والجماعة) هم أيضاً يسيرون على هدى هذا السلف الصالح من الصحابة المتقدّم ذكرهم وإن كان الشيعة قد اتخذوهم سلفاً لهم كذلك، فإنّ لازم هذه الدعوى هو الجمع بين الضدّين، والجمع بين الضدّين محال كما هو معلوم، فعمار السلف الصالح للشيعة الإمامية، هو ممّن حمل السلاح بوجه (الشجرة الملعونة) السلف الطالح للسلفيين، وجاهر بعدائه للحزب الأموي وأتباعه، فلا يمكن لأهل السنّة أن يدّعوا محبّته أو السير على هداه، وهم في نفس الوقت يحبّون قاتليه والباغين عليه، فإنّ هذا محض افتراء ونفاق، قد كذّبه القرآن الكريم وأبطل دعواه بقوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}[2]، الدال بكلّ عناية على استحالة الجمع بين محبة أولياء الله ومحبة أعدائهم تكويناً وتشريعاً!