responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السلف الصالح المؤلف : مركز الأبحاث العقائدية    الجزء : 1  صفحة : 195

وفي هذه الرواية أيضاً لا تعوز المرء الفطنة الشديدة ليدرك معنى هذه الجملة: (غلبه الوجع)، إذا قيلت في وجه مريض يطلب أمراً ولا يُنفّذ طلبه ويقرع بها ليحال بينه وبين ما يريد، فهذه الجملة تنتهي من حيث المعنى إلى نفس ما تعنيه كلمة (هجر) من عدم أهلية هذا المريض لأن يكتب ما يريد كتابته، مع أنّ بعض الصور المنقولة عن الحادثة تذكر أنّ هذه الجملة إنّما ذكرت في هذه الروايات من باب النقل بالمعنى دون اللفظ كما سيأتي بيانه في الصورة الثالثة، ولعل هذا النقل بالمعنى كان الغرض منه التخفيف من وقع اللفظة الحقيقية (هجر) على نفس السامع المسلم!!

الصورة الثالثة: ((لمّا حضرت رسول الله(صلى الله عليه وآله) الوفاة، وفي البيت رجال فيهم عمر ابن الخطاب، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (ائتوني بدواة وصحيفة، أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي) فقال عمر كلمة معناها أنّ الوجع قد غلب على رسول الله(صلى الله عليه وآله).. (الرواية)))[1].

نقول: ومع توارد هذه الصور المختلفة عن الحادثة قد كفانا علماء القوم مؤونة الجمع بين هذه الصور، والّتي تكاد أن تكون رواياتها من الروايات القليلة المتواترة، وذلك حين أفصحوا عن قائل تلك العبارة المؤلمة والمفجعة ـــ بعد أن أعيتهم السبل عن إنكارها ـــ فصرّحوا بأنّ القائل إنّما هو عمر بن الخطاب وليس غيره.. إلا أنّهم ارتكبوا من أجل تأويل هذه اللفظة وتمريرها على العوام جهوداً جبارة تكشف عن منتهى الإعياء والتعب في إقالة هذه العثرة الّتي لا تقال أبد الدهر.. ولا يسعنا أن نقول هنا سوى ما قاله الحقّ تبارك وتعالى في أمثال هذه الموارد:{بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}[2].

قال ابن الأثير في مادة (هجر): ((ومن حديث مرض النبيّ(صلى الله عليه وآله) قالوا: ما شأنه؟ أهجر؟ أي: اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام, أي: هل تغيّر كلامه


[1] السقيفة وفدك: 76، شرح نهج البلاغة للمعتزلي 6: 51.

[2] سورة القيامة، الآيتين: 14، 15.

اسم الکتاب : السلف الصالح المؤلف : مركز الأبحاث العقائدية    الجزء : 1  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست