اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 97
ثم إن الأشاعرة قالوا قولا لزمهم منه خرق الإجماع و النصوص
الدالة على وجوب الرضا بالقضاء هو إن الله تعالى يفعل القبائح بأسرها و لا مؤثر في
الوجود غير الله تعالى من الطاعات و القبائح فتكون القبائح من قضاء الله تعالى على
العبد و قدره[1] و الرضا
بالقبح حرام بالإجماع فيجب أن لا يرضى بالقبح و لو كان من قضاء الله تعالى لزم
إبطال إحدى المقدمتين و هي إما عدم وجوب الرضا بقضائه تعالى و قدره أو وجوب الرضا
بالقبح و كلاهما خلاف الإجماع.
[1] قال أبو حامد الغزالي في إحياء العلوم ج 4 ص
351 و 352:« و قد غلط بعض البطالين المغترين، و زعم أن المعاصي و الفجور و الكفر
من قضاء اللّه و قدره عز و جل، فيجب الرضا به .. و هذا جهل بالتأويل، و غفلة عن
أسرار الشرع. فان قلت: وردت الآيات و الأخبار بالرضا بقضاء اللّه تعالى، فان كانت
المعاصي بغير قضاء اللّه تعالى، فهو محال، و هو قادح في التوحيد، و إن كانت بقضاء
اللّه تعالى فكراهتها و مقتها كراهة لقضاء اللّه تعالى، كيف السبيل إلى الجمع، و
هو متناقض على هذا الوجه، و كيف يمكن الجمع بين الرضا و الكراهة في شيء واحد، و
اعلم انه قد التبس على قوم حتى رأوا السكوت عن المنكر مقاما من مقامات الرضا، و
سموه حسن الخلق، و هو جهل محض، بل نقول:
الرضا و الكراهة يتضادان إذا
تواردا على شيء واحد، من جهة واحدة، فليس من التضاد في شيء واحد أن يكرهه من
وجه، و يرضى به من وجه. و كذلك المعصية لها وجهان:
وجه إلى اللّه تعالى، من حيث أنه
فعله، و اختياره، و إرادته، فيرضى به من هذا الوجه تسليما للملك إلى مالك الملك، و
رضا بما يفعله فيه، و وجه بما يفعله العبد من حيث أنه كسبه، و وصفه، و علامة كونه
ممقوتا عند اللّه، بغيضا عنده، حيث سلط عليه أسباب العبد، و المقت .. فهو من هذا
الوجه منكر مذموم». أقول: لا خفاء« أن كسب العبد، و وصفه به، و تسلطه عليه هو
عندهم بايجاد اللّه تعالى، و بقضائه، و قدره، لقولهم:
« و لا مؤثر في الوجود إلا
اللّه». و اتصاف العبد به ليس إلا الوجود لا العدم، فاللّه هو المؤثر في هذا
الوجود أيضا فجوابه مما لا يرضى به العاقل المنصف، لأنه في الحقيقة دليل للسائل، و
تشبث بالطحلب.
اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 97