اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 90
و لا بالرحمة لأن التعطف و الشفقة إنما يثبت مع قصد الإحسان
إلى الغير لأجل نفعه لا لغرض آخر يرجع إليه و إنما يكون كريما و جوادا لنفع الغير
للإحسان و بقصده و لو صدر منه النفع لا لغرض لم يكن كريما و لا جوادا تعالى الله
عن ذلك علوا كبيرا. فلينظر العاقل المنصف من نفسه هل يجوز أن ينسب ربه عز و جل إلى
العبث في أفعاله و أنه ليس بجواد و لا محسن و لا راحم و لا كريم نعوذ بالله من
مزال الأقدام و الانقياد إلى مثل هذه الأوهام. و منها أنه يلزم أن يكون جميع
المنافع التي جعلها الله تعالى منوطة بالأشياء غير مقصودة و لا مطلوبة لله تعالى
بل وضعها و خلقها عبثا[1] فلا يكون
خلق العين للإبصار و لا خلق الأذن للسماع و لا اللسان للنطق و لا اليد للبطش و لا
الرجل للمشي[2] و كذا جميع
الأعضاء التي في الإنسان و غيره من الحيوانات و لا خلق الحرارة في النار للإحراق[3] و لا الماء
للتبريد و لا خلق الشمس و القمر و النجوم للإضاءة و معرفة الليل و النهار للحساب[4] و كل هذا
مبطل للأغراض و الحكم و المصالح و يبطل علم الطب بالكلية فإنه لم يخلق الأدوية
للإصلاح
[1] قال تعالى:« ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ
الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» الذاريات: 56 و قال تعالى:« أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما
خَلَقْناكُمْ عَبَثاً، وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ»
المؤمنون: 115.
[2] و قال تعالى:« لَهُمْ قُلُوبٌ لا
يَفْقَهُونَ بِها، وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها، وَ لَهُمْ آذانٌ لا
يَسْمَعُونَ بِها». الآية .. الأعراف: 179. و قال تعالى:« أَ
لَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها، أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها، أَمْ
لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها، أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها»،
الأعراف: