اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 61
تعالى واحد مغاير لهذه المعاني و ذهب آخرون إلى تعدده[1]. و الذين
أثبتوا وحدته خالفوا جميع العقلاء في إثبات شيء لا يتصورونه هم و لا خصومهم و من
أثبت لله تعالى وصفا لا يعقله و لا يتصوره هو و لا غيره كيف يجوز أن يجعل إماما
يقتدى به و يناط به الأحكام
المطلب الثالث في
حدوثه
العقل و السمع متطابقان
على أن كلامه تعالى محدث ليس بأزلي لأنه مركب من الحروف و الأصوات و يمتنع اجتماع
حرفين في السماع دفعة واحدة فلا بد أن يكون أحدهما سابقا على الآخر و المسبوق حادث
بالضرورة و السابق على الحادث بزمان متناه حادث بالضرورة و قد قال الله تعالى ما
يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ[2]. و خالفت الأشاعرة جميع
العقلاء في ذلك فجعلوا كلامه تعالى قديما لم يزل معه و أنه تعالى في الأزل يخاطب
العقلاء المعدومين. و إثبات ذلك في غاية السفه و النقص في حقه تعالى فإن الواحد
منا لو جلس في بيت وحده منفردا و قال يا سالم قم و يا غانم اضرب و يا سعيد كل و لا
أحد عنده من هؤلاء عده كل عاقل سفيها جاهلا عادما للتحصيل فكيف يجوز منهم نسبة هذا
الفعل الدال على السفه و الجهل و الحماقة إليه تعالى.
[1] القائل بالتعدد مع القدم في كلامه تعالى هم
الكرامية و الحنابلة، و قد بالغ فيه بعض الحنابلة، حتى قال جهلا: الجلد و الغلاف
قديمان، فضلا عن المصحف، و القائل بالوحدة في كلامه هم سائر أهل السنة. راجع: شرح
التجريد للقوشجي ص 254، و شرح العقائد، و حاشية الكستلي ص 89 و 91.