اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 43
مع أن جميع العقلاء حكموا عليهم بالسفسطة حيث جوزوا انقلاب
الأواني التي في دار الإنسان حال خروجه أناسا فضلاء مدققين في العلوم حال الغيبة و
هؤلاء جوزوا حصول مثل هذه الأشخاص في الحضور و لا يشاهدون فهم أبلغ في السفسطة من
أولئك. فلينظر العاقل المنصف المقلد لهم هل يجوز له أن يقلد مثل هؤلاء القوم و
يجعلهم واسطة بينه و بين الله تعالى و يكون معذورا برجوعه إليهم و قبوله منهم أم
لا فإن جوز ذلك لنفسه بعد تعقل ذلك و تحصيله فقد خلص المقلد من إثمه و باء[1] هو بالإثم
نعوذ بالله من زوال الأقدام. و قال بعض الفضلاء و نعم ما قال كل عاقل جرب الأمور
فإنه لا يشك في إدراك السليم حرارة النار إذا بقي فيها مدة مديدة حتى تنفصل أعضاؤه
و محال أن يكون أهل بغداد على كثرتهم و صحة حواسهم يجوز عليهم جيش عظيم و يقتلون و
تضرب فيهم البوقات الكثيرة و يرتفع الريح و تشتد الأصوات و لا يشاهد ذلك أحد منهم
و لا يسمعه و محال أن يرفع أهل الأرض بأجمعهم أبصارهم إلى السماء و لا يشاهدونها و
محال أن يكون في السماء ألف شمس كل واحدة منها ألف ضعف من هذه الشمس و لا
يشاهدونها و محال أن يكون لإنسان واحد مشاهد أن عليه رأسا واحدا ألف رأس لا
يشاهدونها و كل واحد منها مثل الرأس الذي يشاهدونه و محال أن يخبر أحد بأعلى صوته ألف
مرة بمحضر ألف نفس كل واحد منهم يسمع جميع ما يقوله بأن زيدا ما قام و يكون قد
أخبر بالنفي و لم يسمع الحاضرون حرف النفي مع تكرره ألف مرة و سماع كل واحد منهم
جميع ما قاله بل علمنا بهذه الأشياء أقوى بكثير من علمنا بأنا حال خروجنا من
منازلنا لا تنقلب
[1] و في النهاية لابن الأثير- ج 1: أبوه بنعمك،
أي ألزم، و أرجع، و أقر، و أصل البواء:
اللزوم.
اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 43