اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 384
و ذهب أبو حنيفة إلى أنهم مخاطبون بالإيمان لا غير و أنهم غير
مكلفين بشيء من الشرائع أصولها و فروعها[1].
و قد خالف في ذلك العقل و النقل أما العقل فلأن المقتضي لوجوب التكليف هو الزجر عن
فعل القبائح و البعث على فعل الطاعات و اشتماله على اللطف ثابت في حق الكافر كما
هو ثابت في حق المسلم فيجب اشتراكهما في المعلول. و أما النقل فقوله تعالى وَ وَيْلٌ
لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ[2] و قوله تعالى فَلا صَدَّقَ
وَ لا صَلَّى وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى[3] و قوله تعالى ما
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ
الْمِسْكِينَ وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ
الدِّينِ[4] و قال تعالى وَ مَنْ
يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً[5] و أشار إلى ما
تقدم من الشرك و قتل النفس و الزناء. و لأنه لو كان حصول الشرط الشرعي شرطا في
التكليف لم يجب الصلاة على المحدث و لا قبل النية و لا أكبر قبل الله و لا اللام
قبل الهمزة. و ذلك معلوم البطلان بالإجماع. و لزم أيضا أن لا يعصي أحد و لا يفسق
لأن التكليف مشروط بالإرادة و الفاسق و العاصي لا يريدان الطاعة فلا يكونان مكلفين
بهما فينتفي الفسق و العصيان و الكفر و هو باطل بالإجماع
[1] جمع الجوامع ج 1 ص 212 و المستصفى ج 1 ص 58 و
فصله الفضل في المقام.