اسم الکتاب : نهج الحق وكشف الصدق المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 373
و حينئذ لا يبقى علم و لا ظن بشيء من الاعتقادات البتة و
يرتفع الجزم بالشرائع و الثواب و العقاب و هذا كفر محض. قال الخوارزمي حكى قاضي
القضاة عن أبي علي الجبائي أن المجبر كافر و من شك في كفره فهو كافر و من شك في
كفر من شك في كفره فهو كافر. و كيف لا يكون كذلك و الحال عندهم ما تقدم و أنه يجوز
أن يجمع الله الأنبياء و الرسل و عباده الصالحين في أسفل درك الجحيم يعذبهم دائما
و يخلد الكفار و المنافقين و إبليس و جنوده في الجنة و النعيم أبد الآبدين. و قد
كان لهم في ذم غير الله متسع و فيمن عداه مقنع و هلا حكى الله اعتذار الكفار في
الآخرة بأنك خلقت فينا الكفر و العصيان بل اعترفوا بصدور الذنب عنهم و قالوا رَبَّنا
أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ[1] رَبَّنا
أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ[2] حَتَّى إِذا جاءَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما
تَرَكْتُ[3] أَنْ تَقُولَ
نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ[4] رَبَّنا
إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا[5] رَبَّنا
آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً[6] رَبَّنا
أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ
أَقْدامِنا وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ[7]. ثم إن الشيطان اعترف
بأنه استغواهم و شهد الله تعالى بذلك فحكى عن الشيطان إِنَّ اللَّهَ
وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ ما كانَ لِي
عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا
تَلُومُونِي