لقد أوردنا نماذج من أقوال علماء
التبرير ، فوجدناهم في أندفاعهم يركبون الصعب والذلول ، ويقولون المقبول
وغير المقبول ، بل وحتى غير المعقول ، في سبيل تبرئة عمر من معرّة كلمته
الجافية النابية ، والّتي لم يتبرأ هو منها ، ولكن القوم على مقولة : «
ملكيون أكثر من الملك ».
فعمر قال كلمته دون استعمال تورية أو
كناية. بملء فيه ، متحدياً شعور النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
، ومشاعر الشرعية النبوية الّتي تؤيدها رسالة السماء.
ولنقرأ ثانيةً بعض ما قاله في روايته
لحديث الرزية ، وقد مرّ في الصورة الرابعة : قال : « لمّا مرض النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم قال : (إئتوني
بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي) ، فكرهنا ذلك أشد الكراهية ... ».
لماذا يا أبا حفص كرهتم ذلك أشد
الكراهية ؟! ولا عليك من الإجابة ، فان علماء التبرير مستعدون للدفاع عنك ،
ولو كان ذلك على حساب قدسية الرسالة ، وقد مرّت بنا نماذج من أقوالهم
فليرجع القارئ إليها.
وعمر يقول لابن عباس بعد لأيٍ من الزمن
: « ولقد أرادَ رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم في أن يصرّح بأسمه ـ يعني عليّاً ـ فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام » [١].
وعلماء التبرير يقولون في تبريرهم : ربّما
أراد أن يكتب شيئاً من الأحكام ، أو أن يكتب خلافة أبي بكر من بعده لا كما يقول الرافضة ؟ فليرجع القارئ ثانية إلى أقوالهم.
[١] أنظر شرح النهج
لابن أبي الحديد ٣ / ٩٧ ط الأولى.