برجحان مصلحة الكتابة
على فضيلة العلماء دون العكس ، لأنّه يستلزم أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
بالمرجوح وترك الراجح ، وهذا ممنوع من النبيّ لعصمته وتسديده بالوحي وطلبه الأصلح للأمة.
ثمّ هل كان أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
من عند نفسه أو من عند ربّه ، والأوّل مدفوع بقوله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ )[١]
، والثاني مسموع لقوله تعالى : ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ )[٢] ، و (
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ )[٣]
، و ( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي )[٤].
وبعد هذا كلّه لو سلّمنا جدلاً أنّ
الخطابي علم بمراد عمه عمر من منعه كتاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
لأنّه يلغي فضيلة العلماء ويعدم الاجتهاد ، فمن أين له أنّ كتابه صلىاللهعليهوآلهوسلم
سوف يشمل جميع الحوادث والأحكام. لأنّ نص الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
على شيء أو أشياء مخصوصة لا يبطل فضيلة العلماء ولا يعدم الاجتهاد ، لأنّ
الحوادث لا يمكن حصرها ، فليعدم الاجتهاد فيما نص عليه خاصة ، ويبقى
لأجتهادهم سائر المجالات الأخرى. وبهذا كان تعقّب ابن الجوزي للخطابي فيما
حكاه عنه ابن حجر حيث قال : وتعقبه ابن الجوزي : بأنّه لو نص على شيء
وأشياء لم يبطل الإجتهاد ، لأنّ الحوادث لا يمكن حصرها.