فكان يمنع الجار ، ويحمي الذمار ، ويبذل
المال ، ويعطي في النوائب.
وكانت قريش تعدّه من صيّتي العرب ، كان
ينادي غلمانه من سلع ـ جبل وسط المدينة ـ وهم بالغابة ـ مكان على ثمانية أميال من المدينة ـ وذلك آخر الليل فيسمعونه [١]
ولقد أتتهم غارة فصاح : يا صباحاه ، فأسقطت الحوامل لشدة صوته [٢].
قال الزمخشري وغيره : إنّه كان أجهر
الناس صوتاً ، كان يزجر السباع عن الغنم ، فيفتق مرارة الأسد في جوفه ، وفيه يقول النابغة الجعدي :
وكانت إليه عمارة المسجد الحرام ـ وهي
أن لا يدع أحداً يستبّ في المسجد الحرام ولا يقول فيه هُجرا ويحمل الناس على عمارته بالخير ، فلا
[١] ابن قتيبة في
عيون الاخبار ١ / ١٨٦ ، الزمخشري في ربيع الأبرار باب الأصوات والألحان (مخطوط بمكتبة الإمام الرضا عليهالسلام
بخراسان ، برقم ٤٣٤٨) ، والدرجات الرفيعة / ٧٩ ، ومعجم البلدان (سلع) وفيات الأعيان ٣ / ٢٧٧ ، والحازمي فيما اتفق لفظه وافترق
مسماه في أول حرف الغين في باب عانة وغابة.
[٢] ربيع الابرار ٣ /
٥٧٣ ط الأوقاف ببغداد ، وتاريخ ابن خلكان ٣ / ٢٧٧ تح احسان عباس.
[٣] الدرجات الرفيعة
/ ٧٩ ، وكامل المبرّد / ١٦٥ ، وربيع الأبرار للزمخشري باب الأصوات والألحان
مخطوطة الرضوية ، وسئل بعضهم كيف لم تتفق مرائر الغنم ؟ فقال : لأنها كانت
ألفت صوته. وبيت النابغة الجعدي من قصيدة موجودة في شعره / ١٤٨ ـ ١٥٩ جمع
عبد العزيز رباح ولم يذكر انه قالها في العباس ، كما ان ما ذكره من مصادر
تخريج
ابيات القصيدة خلوٌ من ذلك ، فلعل قول الزمخشري ومن تبعه : وفيه يقول
النابغة ... يعنى
في زجر السباع وتفتق مرائرها. وقد قال ابن الاثير في المرصّع / ٢٤١ : أبو
عروة السباع
جاهلي يضرب به المثل في شدّة الصوت يزعمون انه كان يصيح في السبع فيموت ،
فيشق عن فؤاده فيجدونه قد زال عن مكانه ، وفيه يقول النابغة الجعدي ، فذكر
البيت.