ثمّ التحم القتال، فحمل عليهم أمير المؤمنين عليه السّلام حملة واحدة، فلم يبق إلاّ ساعة حتّى قُتلوا بأجمعهم سوى تسعة أنفس فانّهم هربوا، وقُتل من أصحاب عليّ عليه السّلام تسعة، عدد من سلم من الخوارج.
وكان عليه السّلام قد أخبر من قبل القتال بأنّا نقتلهم ولا يُقتل منّا عشرة ولا يسلم منهم عشرة.
فهذه هي وقعة النهروان، وهو قتاله عليه السّلام للخوارج المارقين الذين قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في حقّهم: شرّ الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأعظمهم عند الله تعالى يوم القيامة وسيلة[2].
[الجمع بين الفضائل المتضادات]
ومن فضائله التي انفرد بها، وأمن المشاركة فيها أنّه جمع بين الفضائل المتضادات، وألّف بين الكمالات المتباينات[3].
فانّه كان يصوم النهار ويقوم الليل مع هذه المجاهدات التي ذكرناها، ويفطر على اليسير من جريش الشعير من غير أدام، كما قلناه في صفة زهده عليه السّلام، ومن يكون بهذا الحال يكون ضعيف القوّة، وأمير المؤمنين عليه السّلام مع ذلك كان أشدّ الناس قوّة، وانّه قلع باب خيبر وقد عجز عن حملها سبعون نفراً من المسلمين،