responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 77
المؤمنين إجعلها في ذنوبك التي تتوب منها. فخلى سبيلها، فكان أول حد ترك في الاسلام [1].

قال الأميني: أفهل عرف معاوية من هذا اللص خصوصية استثنته من حكم الكتاب النهائي العام " السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما "؟! أم أن الرأفة بأمه تركت حدا من حدود الله لم يقم؟! وفي الذكر الحكيم: من يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه [2] تلك حدود الله فلا تعتدوها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون [3] ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها [4] أم أنه كان لمعاوية مؤمن من العقاب غدا وإن تعمد اليوم بإلغاء حد من حدود الله؟ وهل نية التوبة عن المعصية تبيح اجتراح تلك السيئة؟ أن هذا لشيئ عجاب، ومن ذا الذي طمنه بأنه سيوفق للتوبة عنها ولا يحول بينه وبينها ذنوب تسلبه التوفيق، أو عظائم تسلبه الإيمان، أو استخفاف بالشريعة ينتهي به إلى نار الخلود؟ ويظهر منه أن التعمد باقتراف الذنوب بأمل التوبة كان مطردا عند معاوية، وهذا مما يخل بأنظمة الشريعة، ونواميس الدين، وطقوس الاسلام، فإن النفوس الشريرة إنما تترك أكثر المعاصي خوفا من العقوبة الفعلية، فإن زحزحت عنها بأمثال هذه التافهات لم يبق محظور - يفسد النفوس، ويقلق السلام، ويعكر صفو الاسلام - إلا وقد عمل به، و هذا نقص لغاية التشريع، وإقامة الحدود الكابحة لجماح الجرأة على الله ورسوله.

وهب أن التوبة مكفرة للعصيان في الجملة، ولكن من ذا الذي أنبأه إنها من تلك التوبة المقبولة؟ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم، وكان الله عليما حكيما، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار، أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما [5].


[1]الأحكام السلطانية ص 219، تاريخ ابن كثير 8: 136، محاضرة السكتواري ص 164.

[2]سورة الطلاق: 1.

[3]سورة البقرة: 229.

[4]سورة النساء: 14.

[5]سورة النساء: 17، 18.

اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست