responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 206
فشنت عليه الغارات يوم الجمل وفي واقعة صفين وكان من ذيولها وقعة الحروريين، فلم يتبع اجتهاد خليفة الوقت الذي هو باب مدينة علم النبي، وأقضى الأمة بنص من الصادق المصدق، لكنما اتبع اجتهاد عثمان في العفو عن عبيد الله بن عمر في قتله لهرمزان و بنت أبي لؤلؤة وإهدار ذلك الدم المحرم من غير أي حجة قاطعة أو برهنة صحيحة، فلو كان للخليفة مثل ذلك العفو فلم لم يجر حكمه في الآوين إلى مولانا أمير المؤمنين من - المتجمهرين على عثمان؟ ولم يكن يومئذ من المقطوع به ما سوف يقضي به الإمام من حكمه البات، أيعطي دية المقتول من بيت المال لأنه أودي به بين جمهرة المسلمين لا يعرف قاتله كما فعله في أربد الفزاري [1] أو أنه يراهم من المجتهدين " وكانوا كذلك " الذين تأولوا أصابوا أو أخطأوا، أو أنه كان يرى من صالح الخلافة واستقرار عروشها أن يرجئ أمرهم إلى ما وراء ما انتابه من المثلات، وما هنالك من إرجاف وتعكير يقلقان السلام والوئام، حتى يتمكن من الحصول على تدعيم عرش إمرته الحقة المشروعة، فعلى أي من هذه الأقضية الصحيحة كان ينوء الإمام عليه السلام به فلا حرج عليه ولا تثريب، لكن سيف البغي الذي شهروه في وجهه أبى للقوم إلا أن يتبع الحق أهوائهم، وماذا نقموا عليه صلوات الله عليه من تلكم المحتملات! حتى يسوغ لهم إلقاح الحرب الزبون التي من جرائها تطايرت الرؤس، وتساقطت الأيدي، وأرهقت نفوس بريئة، وأريقت دماء محترمة، فبأي اجتهاد بادروا إلى الفرقة، وتحملوا أوزارها، ولم تتجل لهم حقيقة الأمر ولباب الحق، لكنهم ابتغوا الفتنة، وقلبوا له الأمور، ألا في الفتنة سقطوا.

ومن أعجب ما يترائى من مفعول الاجتهاد في القرون الخالية: إنه يبيح سب علي أمير المؤمنين عليه السلام وسب كل صحابي احتذى مثاله، ويجوز لأي أحد كيف شاء وأراد لعنهم، والوقيعة فيهم، والنيل منهم، في خطب الصلوات، والجمعات، والجماعات، و على صهوات المنابر، والقنوت بها، والاعلان بذلك في الأندية والمجتمعات، والخلا والملا، ولا يلحق لفاعلها ذم ولا تبعة، بل له أجر واحد لاجتهاده خطأ، وإن كان هو من حثالة الناس، وسفلة الأعراب، وبقايا الأحزاب، البعداء عن العلوم والمعارف.

وأما علي وشيعته فلا حق لهم في بيان ظلامتهم عند مناوئيهم، والوقيعة في خصمائهم،


[1]راجع كتاب صفين ص 106، شرح ابن أبي الحديد 1: 279.

اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست