responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 110
الثاني أمر بفراش فوضع له وسويت مقاعد الخاصة حوله وتلقاءه من أهله، ثم خرج وعليه حلة يمانية وعمامة دكناء وقد أسبل طرفها بين كتفيه وقد تغلف وتعطر فقعد على سريره وأجلس كتابه منه بحيث يسمعون ما يأمر به، وأمر حاجبه أن لا يأذن لأحد من الناس وإن قرب، ثم أرسل إلى الحسين بن علي وعبد الله بن عباس فسبق ابن عباس فلما دخل وسلم عليه أقعده في الفراش على يساره فحادثه مليا ثم قال: يا بن عباس لقد وفر الله حظكم من مجاورة هذا القبر الشريف ودار الرسول عليه السلام. فقال ابن عباس: نعم أصلح الله أمير المؤمنين، وحظنا من القناعة بالبعض والتجافي عن الكل أوفر. فجعل معاوية يحدثه ويحيد به عن طريق المجاوبة، ويعدل إلى ذكر الأعمار على اختلاف الغرائز والطبائع، حتى أقبل الحسين بن علي فلما رآه معاوية جمع له وسادة كانت عن يمينه فدخل الحسين وسلم فأشار إليه فأجلسه عن يمينه مكان الوسادة، فسأله معاوية عن حال بني أخيه الحسن وأسنانهم فأخبره ثم سكت، ثم ابتدأ معاوية فقال:

أما بعد: فالحمد لله ولي النعم، ومنزل النقم، وأشهد أن لا إله إلا الله المتعالي عما يقول الملحدون علوا كبيرا، وأن محمدا عبده المختص المبعوث إلى الجن والإنس كافة لينذرهم بقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، فأدى عن الله وصدع بأمره، وصبر عن الأذى في جنبه، حتى أوضح دين الله، وأعز أولياءه، و قمع المشركين، وظهر أمر الله وهم كارهون، فمضى صلوات الله عليه وقد ترك من الدنيا ما بذل له، واختار منها الترك لما سخر له زهادة واختيارا لله، وأنفة واقتدارا على الصبر، بغيا لما يدوم ويبقى، فهذه صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم خلفه رجلان محفوظان وثالث مشكوك، وبين ذلك خوض طول ما عالجناه مشاهدة ومكافحة ومعاينة وسماعا، وما أعلم منه فوق ما تعلمان، وقد كان من أمر يزيد ما سبقتم إليه وإلى تجويزه، وقد علم الله ما أحاول به من أمر الرعية من سد الخلل، ولم الصدع بولاية يزيد، بما أيقظ العين، وأحمد الفعل، هذا معناي في يزيد وفيكما فضل القرابة، وحظوة العلم، وكمال المروءة، وقد أصبت من ذلك عند يزيد على المناظرة والمقابلة ما أعياني مثله عندكما وعند غيركما، مع علمه بالسنة وقراءة القرآن، والحلم الذي يرجح بالصم الصلاب، وقد علمتما أن الرسول المحفوظ بعصمة الرسالة قدم على الصديق والفاروق ودونهما من أكابر الصحابة وأوائل المهاجرين

اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست