responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 108
ومصانعة ليستميلهم إلى ما دخل فيه الناس، حتى قال في بعض ما يجتلبهم به أهل المدينة: ما زلت أطوي الحزن من وعثاء السفر بالحب لمطالعتكم حتى انطوى البعيد، ولان الخشن، وحق لجار رسول الله أن يتاق إليه. فرد عليه القوم: بنفسك ودارك ومهاجرك أما إن لك منهم كأشفاق الحميم البر والحفي. حتى إذا كان بالجرف لقيه الحسين بن علي وعبد الله بن عباس فقال معاوية: مرحبا بابن بنت رسول الله، وابن صنو أبيه. ثم انحرف إلى الناس فقال: هذان شيخا بني عبد مناف. وأقبل عليهما بوجهه وحديثه فرحب وقرب وجعل يواجه هذا مرة، ويضاحك هذا أخرى. حتى ورد المدينة، فلما خالطها لقيته المشاة والنساء والصبيان يسلمون عليه ويسايرونه إلى أن نزل، فانصرفا عنه، فمال الحسين إلى منزله، ومضى عبد الله بن عباس إلى المسجد، فدخله، وأقبل معاوية ومعه خلق كثير من أهل الشام حتى أتى عائشة أم المؤمنين فاستأذن عليها فأذنت له وحده لم يدخل عليها معه أحد وعندها مولاها ذكوان فقالت عائشة: يا معاوية! أكنت تأمن أن اقعد لك رجلا فأقتلك كما قتلت أخي محمد بن أبي بكر؟ فقال معاوية: ما كنت لتفعلين ذلك. قالت: لم؟ قال: لأني في بيت أمن، بيت رسول الله. ثم أن عائشة حمدت الله وأثنت عليه وذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت أبا بكر وعمر، وحضته على الاقتداء بهما والاتباع لأثرهما، ثم صمتت، قال: فلم يخطب معاوية وخاف أن يبلغ ما بلغت فارتجل الحديث ارتجالا ثم قال:

أنت والله يا أم المؤمنين! العالمة بالله وبرسوله دللتنا على الحق، وحضضتنا على حظ أنفسنا، وأنت أهل لأن يطاع أمرك، ويسمع قولك، وإن أمر يزيد قضاء من القضاء، وليس للعباد الخيرة من أمرهم؟ وقد أكد الناس بيعتهم في أعناقهم، وأعطوا عهودهم على ذلك ومواثيقهم، أفترى أن ينقضوا عهودهم ومواثيقهم؟!

فلما سمعت ذلك عائشة علمت أنه سيمضي على أمره فقالت: أما ما ذكرت من عهود ومواثيق فاتق الله في هؤلاء الرهط، ولا تعجل فيهم، فعلهم لا يصنعون إلا ما أحببت.

ثم قام معاوية فلما قام قالت عائشة: يا معاوية! قتلت حجرا وأصحابه العابدين المجتهدين. فقال معاوية: دعي هذا، كيف أنا في الذي بيني وبينك وفي حوائجك؟ قالت: صالح. قال: فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا.

اسم الکتاب : من حياة معاوية بن أبي سفيان المؤلف : العلامة الأميني    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست