فالتصرف في لفظ الحديث عند أحمد أيضاً واضح تماماً، والتلاعب في هذا اللفظ باد بكلّ وضوح.
أمّا الهيثمي صاحب مجمع الزوائد، فيروي هذا الحديث باللفظ التالي[1]:
عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقُدّم فرخاً مشويّاً أو فَقدّم فرخاً مشويّاً [ يقتضي أنْ يكون: فقُدّم فرخ مشويّ، أو فقدّم رسول الله فرخاً مشويّاً ]فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ " فجاء علي ودقّ الباب، فقال أنس: من هذا؟ قال: علي، فقلت ـ أي أنس ـ يقول: النبي على حاجة، وفي بعض الألفاظ: النبي مشغول، أي لا مجال للدخول عليه، والحال أنّ النبيّ كان مازال يدعو: " اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك "، قال: النبي على حاجة، فانصرف علي. عاد رسول الله مرّة أُخرى يقول: " اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ "، فجاء علي فدقّ الباب دقّاً شديداً، فسمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال: " يا أنس من هذا؟ " قال: علي، قال: " أدخله "، فدخل فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لقد سألت الله ثلاثاً أنْ يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ يأكل معي هذا الفرخ "، فقال علي: وأنا يا رسول الله، لقد جئت ثلاثاً كلّ ذلك يردّني أنس، فقال رسول الله: " يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟ " قال: أحببت أن تدرك الدعوة رجلاً من قومي، فقال رسول الله: " لا يلام الرجل على حبّ قومه ".
في هذا الحديث جاء علي مرّتين فردّه أنس قائلاً: رسول الله على حاجة، في المرّة الثالثة دقّ علي الباب دقّاً شديداً.
وفي بعض الألفاظ: رفع صوته فسمع رسول الله صوت علي وقال لأنس: " إفتح الباب ليدخل علي "، ثمّ اعترض عليه رسول الله، أي على أنس، واعتذر أنس كما في
[1] مجمع الزوائد 9/125 ـ دار الكتب العربي ـ بيروت ـ 1402 هـ.