قد رُفع فوق القناة رأسه ، ومكبَّل في السجن رُضَّت بالحديد أعضاؤه ، ومسموم قد قُطِّعت بجرع السمِّ أمعاؤه[1] ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العليِّ العظيم .
روى ابن شهر آشوب عليه الرحمة في المناقب ، عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال لأهل الكوفة : أما إنه سيظهر عليكم رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ، ولن تقتلوه ، ألا وإنّه سيأمركم بسبيّ والبراءة مني ، فأمَّا السبُّ فسبّوني ، وأمَّا البراءة منّي فلا تتبرَّؤوا منّي ، فإنّي ولدت على الفطرة ، وسبقت إلى الإسلام والهجرة[2] .
وروي أن أبا جعفر محمد بن علي الباقر(عليه السلام) قال لبعض أصحابه : يا فلان! ما لقينا من ظلم قريش إيانا ، وتظاهرهم علينا ، وما لقي شيعتنا ومحبّونا من الناس ، إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قُبض وقد أخبر أنّا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه ، واحتجَّت على الأنصار بحقّنا وحجّتنا ، ثمَّ تداولتها قريش واحد بعد واحد حتى رجعت إلينا ، فنُكثت بيعتُنا ، ونُصبت الحرب لنا .
ولم يزل صاحب الأمر في صعود كؤود حتى قُتل ، فبويع الحسن ابنه وعُوهد ، ثمَّ غُدر به ، وأُسلم ، ووثب عليه أهل العراق حتى طُعن بخنجر في جنبه ، ونُهبت عسكره ، وعُولجت خلاخيل أمهات أولاده ، فوادع معاوية ، وحقن دمه ودماء أهل بيته ، وهم قليل حق قليل ، ثمَّ بايع الحسين(عليه السلام) من أهل العراق عشرون ألفاً ، ثمَّ غدروا به ، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم ، وقتلوه .
ثمَّ لم نزل ـ أهل البيت ـ نُستذلّ ونُستضام ، ونُقصى ونُمتهن ، ونُحرم ونُقتل ، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا ، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم