الخلف الصالح يخلّد ذكر سلفه، فلا يزال ذكره حيّاً بعمره الثاني من ذكر جميل، وثناء جزيل، وترحّم متواصل، واستغفار له منه وممّن تعرف به، وفي الحديث: إن ابن آدم إذا مات انقطع عمله من الدنيا إلاّ من ثلاث، وعدّ منها الولد الصالح.
ومن أجلى الواضحات أنّ هذا التذكير يختلف حسب تدرّج الأولاد في المآثر، فمهما كان قسطهم منها أكثر فهم لمجد آبائهم أخلد، وكذلك الأسلاف فكُلّما كانوا في الشرف والسؤدد أقرب فانتشار فضلهم بصالحي خلفهم أسرع.
إذاً فما ظنّك بمثل عقيل بن أبي طالب ذلك الشريف المبجّل، وقد خلّفه " شهيد الكوفة " وولده الأطايب " شهداء الطفّ "[1]، الذين لم يسبقهم ولا يلحقهم لاحق، فلو لم يكن لعقيل شيء من الخطر والعظمة لتسنم بهؤلاء الأكارم أوج العلى والرفعة.
وكَم أب قد عَلا بابنِ ذُرى شَرف
كَما عَلا برسُولِ اللّه عَدنانِ
وكيف به وهو من أشرف عنصر في العالم كُلّه؟!
[1]في كامل الزيارة: 241: كان علي بن الحسين يميل إلى ولد عقيل فقيل له: " ما بالك تميل إلى بني عمّك هؤلاء دون آل جعفر؟
فقال (عليه السلام): " إنّي لاذكر يومهم مع أبي عبد اللّه الحسين (عليه السلام) فأرقّ لهم ".