وقد نزّههم اللّه تعالى في خطابه لنبيّه الأقدس: { وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ }[1]، فإنّه أثبت لهم جميعاً ـ بلفظ الجمع المحلّى باللام ـ السّجود الحقّ الذي يرتضيه لهم.
وإنّ ما يؤثر عنهم من أشياء مستغربة لا بدّ أن يكون من الشريعة المشروعة لهم، أو يكون له معنىً تظهره الدراية والتنقيب.
وليس آزر ـ الذي كان ينحت الأصنام وكاهن نمرود ـ أبا إبراهيم الخليل[2]، الذي نزل من ظهره، لأنّ أباه اسمه تارخ، وآزد:
[2]اختلفوا في أنّ الذي قيل له: (عرق الثرى) إبراهيم أم إسماعيل، فالذي عليه السهيلي في الروض الآنف 1: 8، أنّه إبراهيم، وعلّله: بأنّ الثرى لا تأكله النار، وإبراهيم لا تأكله النار.
ويظهر من الصادق (عليه السلام): لما تخطّى النار وقال: " أنا ابن أعراق الثرى، أنا ابن إبراهيم خليل الرحمن، الإشارة إليه [الكافي 1: 473 في نوادر المعجزات لابن جرير: 154].
ونصّ عليه في البحار 35: 41 في باب نسب أبي طالب قال: وإبراهيم (عرق الثرى).
وفي 44: 104 عند قول الإمام الحسن (عليه السلام): " انا وهو اين ابن أعراق الثرى "، قال: رأيت في بعض الكتب أنّ عرق الثرى إبراهيم، لكثرة ولده في البادية.
ولعلّ عبد اللّه بن أيوب الخريبي الشاعر في مرثية الإمام الرضا يشير إليه كما في البحار 49: 325 في باب مراثيه.
يابن الذَبيِحِ ويَابنَ أعراقِ الثرّى
طَابَت أروُمَتَه وطَابَ عُروُقها
ولكن في نصّ الطبري 2: 28، والبداية والنهاية 2: 245، والبحار 15: 105 عن أم سلمة: أنّ عرق الثرى إسماعيل.
وقد جاء ذكر الثرى في شعر امرئ القيس والفرزدق، ولم يعلم منه المراد، قال امرؤ القيس على ما في أمالي المرتضى 1: 119
فبعض اللوم عاذلتي فأنّي
ستغنيني التجارب وانتسابي
إلى عرق الثرى وشجت عروقي وهذا
الموت يسلبني شبابي
وقال الفرزدق كما في كامل ابن الأثير 3: 469
أنا ابن الجبال الشمّ في عدد الحصى
وعرق الثرى عرقي فمن ذا يحاسبه
وفي أخبار الزمان: 80 عدنان بن عرق الثرى.
[وأيضاً تجده في: أُسد الغابة لابن الأثير 1: 379، حياة الإمام الحسن للقرشي: 130].