نرى أنّ المسيح عندما دعا ربّه أن ينزل مائدة عليه وعلى حواريه قال: (اَللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لاَِوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة/114). فقد اتّخذ يوم نزول النعمة المادية التي تشبع البطون عيداً، والرسول الأكرم نعمة عظيمة منّ بها الله على المسلمين بميلاده، فلم لا نتّخذه يوم فرح وسرور؟
الإستدلال بالإجماع
ذكروا أنّ أوّل من أقام المولد هو الملك المظفر صاحب اربل، وقد توفي عام 306 هـ، وربما يقال أوّل من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، أوّلهم المعجز لدين الله، توجه من المغرب إلى مصر في شوال 163 هـ، وقيل في ذلك غيره، وعلى أيّ تقدير فقد احتفل المسلمون حقباً وأعواماً من دون أن يعترض عليهم أحد، وعلى أيّ حال فقد تحقّق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجّة؟ مع أنّ اتّفاق الأُمّة بنفسه أحد الأدلّة، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبيّ إلى أن جاء ابن تيمية، والعزّ بن عبد السلام[2]، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة، مع أنّ الإجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أو ليس انعقاد الإجماع
[2] هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي (577 ـ 660 هـ) فقيه شافعي، له من الكتب "التفسيرالكبير" و "مسائل الطريقة" وغيرها (أعلام الزرگلي 4:21 ط دار الملايين، بيروت.