responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 310
وإلى متى وحتى متى نكون معجبين بأفكارنا فنقابل الحقائق بالجحود الأعمى والتوقف السخيف. عادة جرينا عليها ولم يردعنا عنها ظهور خطئنا وجهلنا وكثرة الحقائق التي نعترف بها ولا نهتدي إلى معرفة كنهها سبيلا. سمع الناس على بعد باختراع التلغراف فضجوا بالجحود والتشكيك اغتررا بأوهامهم في الطبيعيات حتى إذا شاهدوا أعماله خمد صوتهم وصاروا يعللونه بالقوة الكهربائية التي لم يعرف كنه حقيقتها حتى الآن. وسمع الناس بالفونغراف (صندوق الأصوات) فتسرع الناس حتى بعض الخواص الممارسين للطبيعيات وجاهروا بجحوده والتشكيك في أمره اغترارا بأوهامهم في طبيعة الصوت. ذكر التلغراف اللاسلكي فلج السامعون بجحوده والتشكيك فيه حتى مع ألفتهم للتلغراف السلكي. ذكر النور الغير المرئي (نور رونتكين) فعده السامعون من الخرافات اغترارا بأوهامهم في طبيعيات النور والشفافية والكثافة. وإلى الآن لم يعرف كنه الحقائق المؤثرة في هذه الأعمال. يرون الناس أعمالها ويقفون في معرفة كنهها موقف المبهوت.

نرى أعمال النفس في الحياة والشعور ولا يمكننا درك كنهها. نعم قد تسرع بعض الناس في البحث عن ماهيتها فصار هذا يقول هذا رأيي هكذا، وهذا يقول رأيي هكذا آراء مجردة وفتاوى كأنها مقدسة لكن ذات النفس تشمئز من أوهامها وتضجر. ما هي القوة وما هو كنهها، ما هي ماهية النفس والشعور، ما هو الوجود؟ هذه الأمور كلها غير مادية فكيف اعترفتم بوجودها؟ أليس ذلك لأجل مشاهدة أعمالها. إذن فماذا يمنعكم عن الاعتراف بوجود واجب الوجود مع مشاهدة أعماله في هذا الكون الذي لا بد من تعليله به. يا من يفترضون الأثير افتراضا مزعوما ويربطون به التعليلات الطبيعية قولوا إنه في غاية اللطافة والبساطة ولكن ما هي حقيقته. هل هو مادي؟ ألستم تزعمون أن المادة من نتائج زوابعه أو تكاثفه. قد أذنتم لكثير من الحقائق أن لا تكون مادية ولا بظهر لعالم الماديات والحواس إلا أعمالها فماذا يصدكم عن الاذعان بذلك لواجب الوجود؟ أم تريدون أن نتقهقر في التعليل إلى ما لا يمكن أن يكون واجب الوجود. أليس من شرف الانسانية أن لا تتلون في أفكارها. أليس من شرف العلم أن يجري في نهج مستقيم عادل؟ ألا تنظر إلى غفلات الأهواء، هذه الغفلات والطفرات التي يسمونها شجاعة أدبية. أنظر إليها كيف فعلت أفاعيلها.

الدكتور: هل يمكن معرفة شئ من شأن هذا الواجب الوجود. الشيخ: نعم من الأمور ما تكون معرفته ضرورية للإذعان بوجوب الوجود. فقد تكرر فيما مر أن واجب الوجود لا يكون مركبا لا في الماهية ولا في المقدار. لأن التركيب بجميع وجوهه يضاد وجوب الوجود. أليس المركب محتاجا إلى أجزائه وإلى فاعل يؤلفها؟ فأين يكون وجوب الوجود. ومن ذلك يتضح أن واجب الوجود يلزم أن يكون في غاية البساطة والقدس في التركيب من جميع الوجوه.

الدكتور. يا غبطة القس ويا عمانوئيل هل أنتم مذعنون بما ذكره الشيخ من الدعوى والاحتجاج.

القس: هل يمكن العدول. عن جادة الحق اليقين والحجة الواضحة. الدكتور: إذن فأسألكم عن التثليث والأقانيم التي يقول بها أصحابكم النصارى كما قال بها البراهمة والبوذيون وكثير من الأمم الوثنية. هل هذه الأقانيم الثلاثة ترجع إلى التركيب في الماهية والجوهر بحيث تكون الأقانيم عبارة عن أجزاء هذا المركب، أم ترجع إلى أن الإله الواجب متعدد في الوجود بحيث تكون الأقانيم أفراد جنس الإله الواجب كأفراد الانسان؟ القس. قل ما تعرفه في هذا المقام يا عمانوئيل.

اسم الکتاب : الرحلة المدرسيّة والمدرسة السيّارة في نهج الهدى المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 310
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست